السبت، 10 نوفمبر 2012

احتجاج عينة

  الأربعاء, 31 تشرين1/أكتوير 2012

كثرة الاحتجاجات على الخدمات وخصوصاً الماء والكهرباء ونقص الدواء، وأخيراً الصرف الصحي. لماذا؟ هل الذي يحدث تطور المواطن وشعوره بحقوقه، أم تدني الخدمات وضعف الأجهزة التنفيذية؟ لا مجال للمبرر القديم، ضعف الإمكانات والميزانيات، فالكهرباء تأخذ أجرتها مقدماً ولحقتها المياه، كل من هذين المرفقين لا يُقبل منهما العذر القديم. فعليهما القيام بدورهما على أكمل وجه.
نفترض أن عطلاً في واحد من الخدمات قد حدث هذا أمر طبيعي أن يتعطل وابور الماء أو طلمبة الماء أو محول الكهرباء أو ينقطع السلك بين عمودين، مش نحنا لسة دولة متخلفة، طيب لو متخلفة تقيلة، خذوا البديل مش نحن في دولة نامية؟
كانت الاحتجاجات في السابق شكوى لمسؤول تنفيذي وتأخذ المسألة مجراها الإداري أو هكذا يجب أن يكون، يقوم المسؤول التنفيذي بالعمل على الشكوى التي تعدت سقفها الطبيعي، ويبحث الأمر مع جهازه التنفيذي، ويسأل لماذا وصل الأمر إلى درجة الاحتجاج وتحل المشكلة ويعاقب المتسبب أو المتسيب. أو هذا هو المفروض.
يلاحظ أن السيستم الإداري بدائي جداً، والمواطن حين يبّلغ عن عطل في الماء أو الكهرباء يستقبله موظف البلاغات ببرود، وقد يسجل الأمر أو لا يسجله، وطبعاً أرخص ما في السودان الزمن، يمر اليوم واليومان ولا يسأل أحد المنوط بهم البلاغ، ويهيج المواطن من فقدان الخدمة في حالة الماء أو تقطعها في حالة الكهرباء. وليشعروا من هو أعلى من مكتب البلاغات، يقوم المواطنون بقفل الطريق العام وتعطيل حركة المرور، وغالباً ما يكون ذلك بحرق الإطارات وتقف الحركة لساعات، ويقف آلاف المواطنين في انتظار فتح الطريق. هؤلاء المواطنون الموقوفون ما ذنبهم؟ وفيهم المريض وفيهم المرضع وفيهم الطفل وفيهم الشيخ الكبير. عندها تتدخل السلطات الأمنية في مسارين الأول كبح المتظاهرين، والمسار الثاني استنهاض الجهة صاحبة المشكلة كهرباء أو ماء، وهنا تسارع الجهة لحل المشكلة بأسرع ما يمكن لأنها الآن مرصودة رصداً تاماً من الجهاز التنفيذي وجهاز الأمن، وبعد ساعات يصلح العطل ويعود الناس لبيوتهم.
صراحة هذه الظاهرة في ازدياد بعد أن اكتشف المواطنون أنها أسرع طريقة لحل المشكلة. في هذا الأسبوع تلقيت عدة هواتف من ثلاث مناطق، كل منها يقول إن ماءهم مقطوع لثلاثة أيام أو كهرباءهم ،ولذا لجأوا إلى قفل الطريق، حتى السيد وزير الداخلية وفي التلفزيون أشار إلى أن مواطني مدينة كذا قفلوا الشارع بسبب انقطاع الماء، وحدد المدينة، وسأل ما علاقة الماء بالطريق؟ وأنا مش عايز أذكرها إيه رأيكم؟؟
ضعف الأجهزة الإدارية، وعدم المحاسبة، وعدم العقوبة، وقلة الإبداع والشعور بالمسؤولية هي ما جاء بهذه الاحتجاجات. لو تشكلت لجنة محاسبة بعد حل المشكلة وحدد المقصر وعوقب على تقصيره، لما تكرر إهمال الأعطال حتى تصل مرحلة الاحتجاج. الإنسان لا يعمل إلا خوفاً من عقاب أو رجاء لثواب. فالعمال المقصرون إما أنهم لا يتقاضون أجوراً مقنعة لذا يتسيبون ويبحثون عن عمل آخر يسد النقص، أو أن خللاً إدارياً في ذلك المرفق وعليه من هو ليس أهلاً لإدارته «تعيين سياسي أو واسطة».
صراحة قبل أن تأتي السلطة بالشرطة، عليها أن تأتي بالمتسبب في التقصير ويحاسب أمام الجماهير عاملاً كان أو موظفاً أو مدير مخزن عندو طهور أو حبوبة مراته ماتت.
لا لقفل الطريق، وألف لا للاستخفاف بخدمات المواطن.

ليست هناك تعليقات: