الإثنين, 28 أيار/مايو 2012
كنا
طلاباً في المرحلة الثانوية، وكانت الإجازة بعد أيام، فقال أحد الزملاء:
والله حظكم تمشوا على أهلكم طوالي. طيب يا أخي وأنت ألا تفعل؟ رد: ربما
تخلص الإجازة ولا ألِم فيهم، كلما اسأل عنهم في مكان يقولوا كانوا هنا قبل
أيام، وأظل أبحث عنهم من مكان لمكان لأنهم رُحل. ولم تكن هناك اتصالات كما
اليوم.
كانت تلك أول مرة أشعر فيها بأن هناك مشكلة اسمها الرُّحَّل. والمرة الثانية كانت دعوة من وزارة التربية والتعليم إدارة تعليم الرُّحَّل لورشة عمل اقامتها إدارة تعليم الرُّحَّل بوزارة التربية والتعليم في 15 ابريل سنة 2006م بدار الشرطة، وهذه المرة الاولى التي سمعت فيها بهذه الإدارة. وخرجت بموضوع عنوانه «تعليم الرُّحَّل أم توطينهم». وكانت هذه آخر فقرة فيه «يا د. دروسة ويا أبو الكرام ليس المهم أن يكون للرعاة مقعد في المجلس الوطني ومجلس الولاية، ولكن أن يكون هناك برنامج لتوطين الرعاة وثروتهم وحل المشكلات التي جعلت منهم رحلاً».
منذ ذلك التاريخ بدأ اهتمامي بهذه القضية، وكتبت عدة مرات عن هذا الموضوع. وفي مرة دعتني جمعية «توطين الرُّحَّل» ووجدت الأمر لم يكن همي وحدي وبدأ النقاش فيه يتسع. ومما زاده شهرةً انفصال الجنوب وموقف قبائل الرُّحَّل التي كانت تتنقل بين الشمال والجنوب وصار الأمر اليوم بين دولتين.
الاسبوع الماضي دعاني البروفيسور هاشم الهادي لندوة في نادي البياطرة بشارع «1» العمارات، ورغم أن الندوة كانت ليلاً وأنا ريفي عليه أن يكون خارج العاصمة في ذلك الوقت، ولكن لأهمية الموضوع ومكانة الداعي عندي بقيت حتى المساء. وكانت الندوة بعنوان «الرُّحَّل بين الاستقرار والترحال». وقدمت فيها عدة أوراق من علماء معظمهم بياطرة، وقالوا كلاماً كثيراً مفيداً عن المرحال والمسارات واتساعها وضيقها وأراضي الأبقار والإبل و.. و..و.. وكلاماً متخصصاً مفيداً كثيراً. وكان من حضور الندوة مستشار رئيس الجمهورية د. الصادق الهادي ووزير الثروة الحيوانية د. فيصل ورئيس مفوضية الرُّحَّل صافي النور، وجمع كبير من علماء البيطرة على وجه الخصوص، ولا أحسب أن هناك من كتاب الصحافة غيري كان حاضراً، فالأمر ليس مؤتمراً صحفياً لسياسي ضليع.
وصراحة لم أجد ضالتي في هذه الندوة، حيث كنت أحسب أن أمر استقرار وترحال الرُّحَّل قد حسم لاستقرارهم، ولا داعي للرجوع بالقضية الى المربع الأول. وكنت أمني نفسي بخطوات عملية وإجابات عن أسئلة مثل:
ما هي الدراسات الاجتماعية المعدة ولم تنفذ في هذا الموضوع؟ وأين مكانها؟ ومن يتولى جمعها؟
من الذي سيتولى أمر توطين الرُّحَّل؟
ما هي مطلوبات التوطين وكم من الآبار يحتاج الراعي أو مربي الماشية؟
ما هي أنسب أماكن التوطين؟
متى يبدأ التوطين؟ بالتدريج أم على الفور؟
ما هي الميزانيات المطلوبة للتوطين؟
هذه وأمثالها هي ما يجب أن يُبحث فيه، وليس سؤال يوطنوا أو لا يوطنوا؟ فهذا سؤال تجاوزه الزمن، فلا الإنسان المترحل مستفيد من حياته ولا الحيوان المترحل هو الحيوان الاقتصادي؟ والتوطين هو الحياة بالجملة وليس بالقطاعي كتعليم الرُّحَّل وصحة الرُّحَّل والمستوصفات المتحركة، فكل هذه حلول العاجزين وعشاق حقيبة الفن.
لن أكمل ندوة تظن أنها الأولى وتريد أن تقدم لنا تفاصيل الترحال.. نريد من يقدم لنا تفاصيل التوطين.
كانت تلك أول مرة أشعر فيها بأن هناك مشكلة اسمها الرُّحَّل. والمرة الثانية كانت دعوة من وزارة التربية والتعليم إدارة تعليم الرُّحَّل لورشة عمل اقامتها إدارة تعليم الرُّحَّل بوزارة التربية والتعليم في 15 ابريل سنة 2006م بدار الشرطة، وهذه المرة الاولى التي سمعت فيها بهذه الإدارة. وخرجت بموضوع عنوانه «تعليم الرُّحَّل أم توطينهم». وكانت هذه آخر فقرة فيه «يا د. دروسة ويا أبو الكرام ليس المهم أن يكون للرعاة مقعد في المجلس الوطني ومجلس الولاية، ولكن أن يكون هناك برنامج لتوطين الرعاة وثروتهم وحل المشكلات التي جعلت منهم رحلاً».
منذ ذلك التاريخ بدأ اهتمامي بهذه القضية، وكتبت عدة مرات عن هذا الموضوع. وفي مرة دعتني جمعية «توطين الرُّحَّل» ووجدت الأمر لم يكن همي وحدي وبدأ النقاش فيه يتسع. ومما زاده شهرةً انفصال الجنوب وموقف قبائل الرُّحَّل التي كانت تتنقل بين الشمال والجنوب وصار الأمر اليوم بين دولتين.
الاسبوع الماضي دعاني البروفيسور هاشم الهادي لندوة في نادي البياطرة بشارع «1» العمارات، ورغم أن الندوة كانت ليلاً وأنا ريفي عليه أن يكون خارج العاصمة في ذلك الوقت، ولكن لأهمية الموضوع ومكانة الداعي عندي بقيت حتى المساء. وكانت الندوة بعنوان «الرُّحَّل بين الاستقرار والترحال». وقدمت فيها عدة أوراق من علماء معظمهم بياطرة، وقالوا كلاماً كثيراً مفيداً عن المرحال والمسارات واتساعها وضيقها وأراضي الأبقار والإبل و.. و..و.. وكلاماً متخصصاً مفيداً كثيراً. وكان من حضور الندوة مستشار رئيس الجمهورية د. الصادق الهادي ووزير الثروة الحيوانية د. فيصل ورئيس مفوضية الرُّحَّل صافي النور، وجمع كبير من علماء البيطرة على وجه الخصوص، ولا أحسب أن هناك من كتاب الصحافة غيري كان حاضراً، فالأمر ليس مؤتمراً صحفياً لسياسي ضليع.
وصراحة لم أجد ضالتي في هذه الندوة، حيث كنت أحسب أن أمر استقرار وترحال الرُّحَّل قد حسم لاستقرارهم، ولا داعي للرجوع بالقضية الى المربع الأول. وكنت أمني نفسي بخطوات عملية وإجابات عن أسئلة مثل:
ما هي الدراسات الاجتماعية المعدة ولم تنفذ في هذا الموضوع؟ وأين مكانها؟ ومن يتولى جمعها؟
من الذي سيتولى أمر توطين الرُّحَّل؟
ما هي مطلوبات التوطين وكم من الآبار يحتاج الراعي أو مربي الماشية؟
ما هي أنسب أماكن التوطين؟
متى يبدأ التوطين؟ بالتدريج أم على الفور؟
ما هي الميزانيات المطلوبة للتوطين؟
هذه وأمثالها هي ما يجب أن يُبحث فيه، وليس سؤال يوطنوا أو لا يوطنوا؟ فهذا سؤال تجاوزه الزمن، فلا الإنسان المترحل مستفيد من حياته ولا الحيوان المترحل هو الحيوان الاقتصادي؟ والتوطين هو الحياة بالجملة وليس بالقطاعي كتعليم الرُّحَّل وصحة الرُّحَّل والمستوصفات المتحركة، فكل هذه حلول العاجزين وعشاق حقيبة الفن.
لن أكمل ندوة تظن أنها الأولى وتريد أن تقدم لنا تفاصيل الترحال.. نريد من يقدم لنا تفاصيل التوطين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق