السبت، 16 يونيو 2012

(عمكم ساتي يحكي لكم)

الخميس, 14 حزيران/يونيو 2012  
رأيت ولاية الجزيرة في يومها الأخير من «ملتقى شعراء السودان» تكرِّم الأستاذ محمد عثمان ساتي.. فرحتي بتكريم الرجل لا حدود لها.. وطبعًا كرمت وزارة الثقافة معه آخرين على رأسهم الأستاذ فضل الله محمد هذا الرجل الذي يجبرك على احترامه، أدب يمشي على رجلين وهل ينسى جيلي «عايز أقول لك ما بقول لك عايز أقول بحبك يا وحيدة».. لكن تكريم ساتي أرجعني لإرشيفي فقد كتبت يومًا بعد زيارة له في منزله العامر.. ويبدو أن ما كتبته وطالبت به ساري المفعول لعله في مكان ما.. غير أن الجديد اليوم على رأس وزارة الثقافة والإعلام بولاية الجزيرة رجل عالم وأديب ومالك لناصية الشعر تجلت في مدح الدكتور نافع في ختام الملتقى وتجمع بين بروف القرشي ود. نافع صفات حب الشعر بكل ضروبه، هل سيكون لوزارة الثقافة دور في نشر مجموعة ساتي؟؟ أتمنى ذلك.
إلى أرشيفي الذي كان عنوانه العنوان أعلاه.
«في كاب الجداد المتوسطة مطلع ستينيات القرن الماضي، وروافد كاب الجداد المتوسطة من القرى المجاورة، حيث الدخول إليها أشبه بلحس الكوع من كثرة المتقدمين وضيق الفرص.. وكان زملاؤنا القادمين من السريحة التي كان ساتي مدير مدرستها الابتدائية يذكرون اسم الأستاذ ساتي عشرات المرات يوميًا، يحدثوننا عن شعره، عن فنه، عن أخلاقه، وقد ملأ عليهم قلوبهم وكان مثالهم.
بعد عشرات السنين تعرفت على الأستاذ محمد عثمان ساتي عبر صديقه وصديقي الأستاذ جداً عثمان الفيل، ووجدت ساتي رجلاً لطيفًا ومفيداً، ويعرف كيف يستثمر وقته.. وفي أول زيارة لبيته بود مدني بصحبة عثمان طبعًا، تذكرت صديقي الأستاذ إبراهيم إسحق، حيث الصالون عبارة عن سرير يتوسط تلالاً من الكتب، في وقت نجد فيه بصوالين آخرين سرائر وكراسي وزخرف، ولا ورق إلا صحيفة على طاولة بعيدة، والأستاذ ساتي ـ كما عرفت ـ في هذه الدار هو في واحد من الأفعال الثلاثة يقرأ أو يكتب أو ينام رجل جاد ـ حفظه الله ـ ورغم هذه الجدية هو دائم الابتسامة لا يعرف الوجوم.
أهدانا الأستاذ ساتي في زيارتنا الثانية لبيته مجموعة من كتب الأطفال «حزمة» عشرة باللغة العربية واثنان باللغة الإنجليزية، هي مكتبة للصغار في زمن عز أن تجد للصغار كتباً.. والحريصون على تعويد أولادهم القراءة لا ملاذ لهم إلا الدار السودانية للكتب، ولكنك ستجد أنك تستورد ثقافة دولة مجاورة.
جديد حزمة ساتي التي عنوانها «عمكم ساتي يحكي لكم» دقة الاختيار للموضوعات والقصص التي ألفها للصغار، فهي تسد عجزاً تاماً وليس نقصاً في مكتبة الأطفال، وقد كان حريصًا على أن تكون شاملة جغرافيا السودان، مواكبةً للعصر، لا كابيدة فيها ولا ريرة ولا ماء بئر يجر بالعجل، بل بلغة عصر كلها مدن وتقانة.. وعندما يحدثهم عن التداخل الإثني يقدمه في شكل قصة تخدم كل الأهداف التربوية، وكل ذلك مصحوبًا برسومات شقيقه الفنان د. عبد اللطيف ساتي.
حزمة ساتي مطبوعة طباعة جيدة ومضبوطة «مُشكَّلة»، وقف على كل حرف فيها بنفسه، إلى أن خرجت من مطبعة ولاية الجزيرة ـ متفردة بها ـ كما يريدها أن تخرج.
رجل بهذا القدر من الذوق وأخلاق التربويين «القدامى» يعجز أن يُسوق لهذه الحزمة.. وأظنه إن نحن تركناه بلا عون سيوزعها بالمجان لكل من يدخل عليه بيته، وهو يعرضها بسعر زهيد.
ومن هنا أرفع صوتي عاليًا يا وزارات التربية الولائية هذه ثمرة لا تحتاج إلا القطاف، فما تهدرونه في استقبالات تنسى في اليوم التالي، وفروه واجعلوا من حزمة «عمكم ساتي يحكي لكم» نواة لمكتبة مدرسية.
إنها خبرة رجل خدم التربية بإخلاص تقبل الله منا ومنه.
24/ 9/2006م

ليست هناك تعليقات: