اعلم ان هناك وزارة للمعادن تبحث عن
المعادن النفيسة في باطن الأرض،جميلٌ هذا، ولكننا أيضاً في حاجة لوزارة تبحث عن
المعادن النفيسة على ظهر الأرض.
قبل أن تنشأ هذه الوزارة للبحث عن نفائس
فوق الأرض على جهاز المغتربين إنشاء فرع لها فمن المغتربين من جاء بخبرات كبيرة
ولم يعرف كيف يكون للوطن فيها نصيب.
شاهدي اليوم صديقي العزيز وزميل دراستي
في كل المراحل ابتدائي متوسط ثانوي لم نفترق الا في كليتين مختلفتين في جامعة
الخرطوم. تخرج خليل محمد فضل المولى في كلية المختبرات الطبية. الحديث اليوم ليس
عن أخلاقهِ وطيبة نفسهِ ووفائه وأشياء كثيرة إن شاء الله يوم شكره ما يجي قريب.
حديث اليوم مهني بحت.
بعد أن عمل قليلاً في السودان بعد تخرجه
اغترب ليعمل في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، ثلاثون عاماً قضاءها خليل في تلك
الجامعة. لم يكن موظفاً عادياً ولكنه كان طاقة لا يدخر معرفة ولا يتكاسل عن خير
يعرفه.
قال لي خليل أن زميله الأوربي اوصاه بأن
لا يعطي الجامعة وطلابها كل ما يعرف. "Do
not give them all. you have to keep something in your pocket
وخليل بخلقه وفطرته فعل عكس ذلك تماماً
متيقن أن إتقان العمل عبادة ويبارك في الارزاق والاعمار.
تجربة خليل أن وفر للكلية محاليل
الفحوصات ما كانوا يشترونها أبداً من السوق وكان يصنعها في الكلية مما كان له كبير
الأثر في توفير ميزانية ضخمة ملايين الريالات، صرفت في وجوه أخرى بالكلية. تلقى
عليها شهادات تقدير وشكر من إدارة الجامعة ومن طلابها هذا في الدنيا وما عند الله
خير وأبقى. (ليتني استطيع وضع صور شهادات التقدير في هذا العمود).
هذه المحاليل نوعان محاليل تستخدم
للتدريس في مختبرات الطلاب وأخرى تشخيصية تستخدم في المعامل للفحص على المرضى.
وكلها يمكن تحضيرها إذا ما توفرت بعض الاحتياجات.
ترى كم من جامعاتنا تصرف على هذه
المحاليل؟ ترى كم من مستشفياتنا تصرف لشراء هذه المحاليل. كل المطلوب أجهزة معينة
وموازين دقيقة جداً توزن ومهما كان سعرها ستوفر أضعافه في وقت وجيز وبعض
الكيماويات ، وماء يُقَطّر ثم (يُوأين) من (ايونات) بعدها يمكن توفير محاليل فحص
السكري ،وظائف الكلى، وظائف الكبد، البولينا ،البروتين وهلمجرا.
طبعاً المستفيدون من استيراد هذه
المحاليل وتجارها لا يسمحون بمثل هذا التطور وتوطينه وربما السماسرة ايضاً. ولكن
لماذا لا تشق جامعة عصا الخنوع أو مستشفى ويستفيد من هذا الكنز. أنا لا أروج لتوظيف
خليل فهو بحمد الله ليس في حاجة لوظيفة ولكن جامعاتنا ومستشفياتنا في حاجة لخليل.
حفظه الله وتقبل منه. لماذا لا تنشئ جامعة مركزاً يدرب فيه خليل عدداً من الشباب
يقومون بصناعة المحاليل ويدربون الأجيال من بعدهم.
وما خليل إلا مثالاً، كثيرون جاءوا
بخبرات لم يستفد منها الوطن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق