الخميس، 10 مايو 2012

غلطان المرحوم الى متى؟

جمعية حماية المستهلك في ملتقاها «88» كان موضوعها هذا العنوان «غلطان المرحوم.. إلى متى؟» وهو مواصلة للمنتدى السابق الذي كان عن السلامة المرورية. وقد شهد الملتقى جمع كبير وبمؤهلات عالية من مهندسين وأساتذة جامعات وشرطة مرور الخرطوم يمثلها اللواء د. الطيب عبد الجليل وبعض معاونيه. وحضر ممثلون لهيئات الطرق وبعض الشركات وجمع من المتخصصين. ومن أصحاب الوجعة جاء أهل الحلفاية يحملون صور طريقهم الذي أزهق أرواحاً عزيزة عليهم، وجاء الأستاذ ود الحاج ممثلاً للمسعودية ويحمل قائمة من قتلهم طريق الموت بالمسعودية في خلال ثلاث سنوات. ومن يصدق أنهم «65» نفساً «لا حول ولا قوة الا بالله». ومن المحير أن أحد المهندسين قال إن طريق الخرطوم ــ مدني حرام أن يسمى «طريق الموت» وهو من أحسن الطرق تصميماً، حسب قوله، إلى أن تصدى له احد المتخصصين وقال إن الطريق حين تم تصميمه لم يكن طريق موت، ولكن بعد أن تغير غرضه وزحفت عليه القرى صار طريق موت.
وكانت أكثر من ثلاث ساعات سمعنا فيها كثيراً من المصطلحات العلمية عن الطرق والسلامة والمرور. إلى أن جاء دور أصدقائنا شرطة المرور، وتحدثوا كالعادة وقالوا إن المواطن كله عيوب وغير مثقف مرورياً، وإن الغرامات المرورية ليست جباية ولكنها رسوم، وتكلفة إدارة التشغيل المروري غالية جداً، لذا لا بد من الغرامات المرورية لتسيير وتشغيل عملية المرور. وصراحة هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها مثل هذا التبرير، ومن يتدبره يشتم ضرورة تسيير المرور من الغرامات، مما يعني أن كل مستخدمي الطريق لو صاروا في دقة الملائكة وبلا أي أخطاء مرورية فإن هناك حاجة ماسة لجمع ميزانية التشغيل المروري منهم، وهذا عين ما كنا نقول له دائماً ولكن بلغة أخرى، حيث كنا نقول إن هذه الغرامات معظمها من المنتجين، هذا إن لم نقل كلهم، حيث تتصيد دوريات المرور اللواري والشاحنات والحافلات والدفارات لتجمع منهم أكبر قدر من المال.
وإليكم واحدة من المخالفات التي دفع بسببها أحد أقاربي غرامة مرورية، لأنه يحمل برميلين من الجازولين على بوكس لتشغيل الجرار الزراعي «عشان كده الزراعة أولوية من أولويات الدولة»، فطلب منه الشرطي كل المستندات وكانت كلها سليمة من ترخيص ورخصة وتأمين ومما جميعه، فما كان من الشرطي إلا أن حرر له إيصالاً، فقال له ما السبب؟ فقال له الشرطي: كيف تحمل برميلين على بوكس لوحاته ملاكي، هذان يجب أن يحملا على بوكس بلوحة تجارية.. «شفتوا المخالفة دي كيف». ومن مثل هؤلاء يمول تشغيل المرور. وروينا قبل ذلك مخالفات كثيرة لا يسميها مخالفة إلا قوة الشرطة وضعف المواطن.
وفي مداخلتي قلت إن العلة في قانون المرور، حيث يطبق على البعض ولا يطبق على الكثيرين، وهذا ما قاله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «إنما أهلك الذين كانوا من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد».. يا حبيبي يا رسول الله هؤلاء زادوها حبة، وإذا لم يسرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.
إن ما يتحصل من المواطن من تفتيش شهري وترخيص ودعم  شرطة وفحص آلي ولوحات، لو جمع هذا بدون التسويات المرورية لسير مرور إفريقيا كلها ناهيك عن السودان.
وفي الختام المطلوب أنفاق تحت الطريق عند المسعودية لعبور البشر لحفظ سلامتهم. والحق عزَّ وجلَّ يقول: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا» المائدة.
شكراً حماية المستهلك.. شكراً لكل الذين شاركوا.. مش أنا عضو في الجمعية ومن حقي أن أشكر؟!

ليست هناك تعليقات: