الاثنين، 21 مايو 2012

الدواجن طعام الفقراء!!

الندرة والوفرة هما كلمتان مفتاحيتان في كل الاسواق، وبعبارة أخرى العرض والطلب. وأريد أن أقول إنهما تحكمان السوق إلا في السودان هذا. ويشهد السوق غلاءً جعل الشعب متفرجاً على كثير من السلع، ولسان حال الكثيرين يقول: نأكلها في الجنة.
واتصل بي قبل أيام أخونا صلاح المنا، وهو من رجال الأعمال وأشهرها مطعم «أمواج» والذي يهمه جداً سوق الدواجن، والغريب أنه رغم فائدته المباشرة من الدواجن وأسعارها انخفاضاً وارتفاعاً، إلا أن منظوره كان شيئاً آخر، إذ يقول إن الدواجن تستهلك كميات مهولة من الذرة علفاً، والذرة أكل معظم الفقراء، والذين يأكلون الدواجن لا تتعدى نسبتهم 20% من الشعب، والبقية لا تراه إلا في الشاشات. ويرى صلاح أن يُحافظ على غذاء الفقراء ويؤمن للفقراء غذاؤهم وتعلف الدواجن بالذرة الشامية المستوردة.
  الغريب أن هذه الدواجن في كل الدنيا هي أكل الفقراء اللهم إلا في هذه البلد العجيب. وكيلو الفراخ يباع في السعودية بسبعة ريالات ريال على مدى السنين الثلاثين الماضية.
وخزَّنت حديث صلاح في الذاكرة وانتظرت الوقت المناسب.. فإذا بصديقي الدكتور حسن السيد صاحب مزارع دواجن يتصل: ألحقنا. قلت: خير ما الخبر؟ قال: المخزون الاستراتيجي الذي كان يمدنا بالعلف رفع سعر جوال الفتريتة «وهي نوع من انواع الذرة.. وهذا الشرح للحناكيش»، رفعه من «110» جنيهات الى «155» جنيهاً. وهذا تسبب في ارتفاع التكلفة التي أوصلت الكيلوجرام من الفراخ إلى «21» جنيهاً قابلة للزيادة، ولا بديل لنا ــ يقول د. حسن ــ إلا أن نرفع كما رفع المخزون الاستراتيجي سعره. وقلت حسناً نتصل بالمخزون الاستراتيجي، واتصلت فقالوا إن الطلب كان كبيراً على الذرة في الأسابيع الماضية بسبب الحرب، وأنهم أوقفوا «كوتات» الدواجن وطلبوا منهم الشراء من السوق مباشرة، وهم ملتزمون بمنهجهم الذي هو البيع بناقص «10» جنيهات من سعر السوق عند الحاجة.
قلت في نفسي أين «ميكو»؟
ولمن لا يعرف ميكو فهي أكبر شركة دواجن تمد العاصمة بإنتاجها، وهي من الشركات التي ساهم والي الخرطوم السابق د. المتعافي في إنشائها بهدف قاله على الملأ «حتى تصبح الدواجن طعام الفقراء». فهل حققت ميكو الهدف الذي من أجله أنشئت؟ أم أصبحت شركة همها الأول الربح ومجاراة السوق، رغم أن كل شرايينها من المال العام، ولا أعني نسبة 19% نصيب ولاية الخرطوم، ولكن هناك تسهيلات كثيرة ما توفرت لغيرها، وعليها أن تعود لدورها فوراً وإلا.....
قلت نتصل بالسيد وزير الزراعة الأخ أزهري خلف الله، وبعد السلام والذي منه، سألته عن الدواجن والفراخ والمخزون الاستراتيجي و «ميكو». ووعد بأن يرد بعد أن يجتمع معهم، وقد كان، فبعد يومين اثنين أفادنا بالآتي:
في اجتماعهم بغرفة الدواجن وشركة «ميكو» وبعد أن وقفوا على ارتفاع أسعار اللحوم والبيض ودراسة الموقف، توصلوا إلى الآتي: التكلفة الحقيقية لسعر كيلو الفراخ «13.5» جنيه، وألزموا الغرفة بأن يباع 15% من الانتاج عبر نوافذ البيع المخفض للجمهور «وحاتك يا أزهري الجمهور لن يراها وستجد طريقها إلى أماكن أخرى بأن يشتريها بعضهم بالصفوف، هذا إن وصلت تلك الأماكن، ويبيعونها لغيرهم بالسعر السائد كما الدولار في الصرافات». وذكر الأخ وزير الزراعة أنهم بصدد استيراد ذرة شامية وفول صويا لتستخدم أعلافاً للدواجن لتساهم في انخفاض الذرة المحلي، ولهم حديث مع المخزون الاستراتيجي قبل وصول المستورد. يا أزهري.. أنا سمعت تحت تحت أن هذا السعر الجديد حدده وزير المالية ويرفض التنازل عنه. «يا أخوانا إنتو الوزير ده ثورة مضادة كما كان يُقال في أيام حكم جعفر نميري.. وللا شنو؟».
لن يأكل الفقراء لحماً إلا لحوم بعضهم.

ليست هناك تعليقات: