الثلاثاء، 4 مايو 2021

ترف وسفه الفقراء

 

ترف وسفه الفقراء

اذكر في عشرية الإنقاذ الأولى تعميماً لجميع الدوائر الحكومية من وزير شؤون مجلس الوزراء وقتها، محمد الأمين خليفة رحمه الله يقول التعميم على كل الدوائر الحكومية ان تستخدم وجهي ورقة ال A4ولا يكتفى بالكتابة على وجه واحد. كان المقصود تخفيف الإنفاق الحكومي في هذا البند الى النصف. هكذا تبدأ الثورات بقمة المثالية والنية الحسنة الى أن يخترقها سوس الفساد وتنتهي بأقبح الصور. هذا لا يمنع أن هناك ثورات تبدأ من حيث انتهى الآخرون ليس في الصناعة والتكنولوجيا إنما في الفساد.
أزمة الوقود خانقة في الأسبوع الماضي والصفوف مخجلة ويقول أخي عبد اللطيف البوني إنه حلب من موتر بنزين وأطفأ المكيف وسار بأقل سرعة حتى يصل الى منزله بسبب أزمة البنزين. في ذلك الوقت كانت جهة حكومية تقيم احتفالاً لا داعي لتسمية المكان ولا أسماء السادة الكبار المحتفلين ولكن كل منهم جاء على سيارة من السيارات الفارهة الانفينتي واللاندكروزر وكل ذات الماكينات التي تشرب البنزين شراباً وليس حقنا ولا بخاخاً. طيلة الاحتفال ومدته تجاوزت الساعتين لم تقف ماكينات هذه السيارات، بحجة أن يظل المكيف يعمل ليجد المسؤول السيارة باردة.
طبعاً انا لا أقول أن هذه العادة السيئة جديدة ولا اتهم المسئولين بأنهم وجهوا السائقين ليفعلوا ذلك ولكنها عادة موروثة من زمن بعيد وليس اول مرة ألاحظها ولكن في ظل هذه الأزمة كان على المسئولين او السائقين أن يحسوا بآلام الآخرين وصفوفهم. ويعلموا انهم في ساعات ترطيبهم سيارات الكبار هناك مرضى يموتون في غرف الإنعاش لانقطاع الكهرباء وعدم الوقود. وما منظر مرضى مغسلي الكلى في مستشفى الكاملين وهم يتسولون أصحاب السيارات وقودا لمولد المستشفى كما انتشر في مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي منظر يقطع القلب.
إذا ما شعرت جهة بأن البلاد ليست في حالة ترف الى هذا الحد ولا أطالب بان يأتي عدد من المسئولين بعشرات السيارات وكان بإمكانهم التنسيق والحضور ببص واحد. فإن رأوا ان ذلك تقليل من قدرهم فأرجو أن يصدر توجيه لكل مستخدمي السيارات الحكومية أن يأخذ المسئول مفتاح السيارة معه مجرد وصوله الى المكان حتى لا يستخدمها السائق في أغراض خاصة ولا كسير تلج لرئيسه (اهو خلينا ليك السيارة باردة كما المكتب).
كنت في مرة داخلاً على مكتب صديقي الكاتب والشاعرسعد الدين إبراهيم رحمه الله وقابلت عند الباب شخصاً خارجاً من عنده جسم نحيف وملابس متواضعة جداً وحذاء اقل من شعبي. قبل ان يرد التحية قال لي سعد الدين: هل عرفت منْ هذا الرجل؟ قلت: لا. قال: هذا فلان. معقوووول عضو مجلس قيادة الثورة والاتحاد الاشتراكي وكل عهد مايو؟ سبحان الله.
عشرات يلحقوا لي تعليقاً على مقالاتي :(لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي).
أسأل الله ان يسمعنا أحد هذه المرة ليجدوا تعليقاً آخر.

ليست هناك تعليقات: