في محادثة هاتفية مع صديق في السعودية قلت الجهاز الذي تتحدث عنه أين صُنِع؟ قال: في الصين. قلت: شوف غيره. رد مواصفات سعودية مش مثل العندكم.
تذكرت بعدها قولاً محفوظاً أن الصين تصنع لكل جهة حسبما تطلب من مواصفات. الجهاز نفسه يكون مصنوعا في الصين ومنه عشر درجات تبدأ بالممتاز وتنتهي بالرديء جداً ولكل سعره. تجارنا هداهم الله لا يختارون الا صنف الدرجة العاشرة.
على سبيل المثال، وصلة الكهرباء التي تسمى المشترك ذات عدة مقابس هذه الوصلة يكون سلك توصيلها النحاسي من 1ملم للصنف الجيد وأكثر من ذلك للممتاز ويكون الأخير منه غلاف بلاستيكي سميك بداخله شعرة او شعرتين من النحاس لا تعيش اسبوعاً الا وترمى في مكب القمامة. (وما اكثر مكبات القمامة في شوارع الخرطوم).
منازلنا صارت في حاجة للصيانة الدائمة كل يوم تتعطل اما لمبة او حنفية رديئة الصنع تجد نفسك تشتري الصنف في السنة الواحدة عدة مرات ما يكلف كثيراً.
من يحمي المواطن من هذا الهدر المالي؟
يفترض ان حامي المواطن الرسمي هنا هو الهيئة القومية للمواصفات والمقاييس وهي من يحدد مواصفات ما يُستورد وما يُصدر. والحامي الشعبي هو جمعية حماية المستهلك التي تعرضت للإيقاف والكعبرة كثيرا في العهد السابق (الآن على رأسها امينها السابق الرجل الغيور د. ياسر ميرغني).
المزعج في هذا الأمر ما سمعته مرة من نائب مدير الهيئة (سابقاً) حيث قال نحن في المواصفات نراعي أشياء كثيرة ونجلس مع المستوردين ونتنازل في كثير من الأحيان عن المواصفة الكاملة التي نعرفها مراعاة لدخل المستهلك الذي لا يستطيع ان يشتري الممتاز.
ولعمري هذا منطق جانبه الصواب والبضاعة الرديئة من العوامل التي ساعدت في الفقر. في زمن سابق وقبل المواصفات والمقاييس كانت الحنفية المستوردة من إيطاليا او أي دولة اوربية تعيش عشرات السنين وبذا مهما غلا ثمنها خير من الرخيصة التي تحتاج لإبدالها أربع مرات في السنة.
الصين لا ذنب لها تبيع لكل من يريد وليس من حقنا ان نفرض عليها لكن يجب ان نحمي المستهلك من التجار وليت التجار يشترون بالرخيص ويبيعون به بل هم يشترونه رخيصا ويبيعونه بأغلى الأسعار.
لا بد للمواصفات ان تغير من منهجها وربما نقول لا بد ان تغير عقيدتها مش الجيش عنده عقيدة والشرطة عندها عقيدة (البمنع شنو المواصفات تكون عندها عقيدة؟).
نريد كل المستورد بمواصفات عالية وممتازة مهما ارتفع سعره سيكون أفضل من الرديء قصير العمر. طبعا يا له من قول سهل ولكن كيف التطبيق؟ من يضمن اعدام بضاعة غير مطابقة للمواصفات او ارجاعها قبل ان تتدخل الواسطة والحاجات التانية الحامية بروف البوني.
على كل نكتب بمثالية ونتمنى ان ترتقِي كل الجهات لهذه المثالية وتبعد الواسطة والحاجات التانية الحاميه. وإلا سنفقد وطناً عزيزاً علينا يسعنا جميعا.
ليؤدي كل واجبه الذي يريد ان يلقى الله به. أم تم فصل الدين عن الدولة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق