الثلاثاء، 4 مايو 2021

جذب مدخرات المغتربين

 

جذب مدخرات المغتربين

عطفا على المقال السابق بعنوان (تجربة حوالة عبر البنك) الاقتصاد عمل مضنٍ ولا يبنى على العواطف والهوشة والصياح السياسي. قد يتحمس المغتربون بدافع الوطنية فترة من الزمن تطول او تقصر وينتظرون انعكاس تحويلاتهم على وطنهم وإذا ما شعروا بأي تراخٍ وتوظيف لمدخراتهم في غير ما كانوا يطمحون. بالواضح إذا ما شعروا بأن أموالهم تذهب لرفاهية السياسيين سيتوقف التحويل ويكسب تجار العملة الجولة وربما يعودون أشرس من ذي قبل.

ثم نأتي للإجراءات مقارنة بين إجراءات تاجر العملة والبنك. تاجر العملة يسلم الحوالة يدا بيد للزبون في مكانه مهما بعد وفي أي وقت من أوقات اليوم. البنك يحتاج أن يتحرك المُحوّل له الى البنك في وقت محدد من الساعة كذا الى الساعة كذا ، وبعد انتظار يطول او يقصر حسب همة الفرع وعامليه وبعد ذلك يأتي فن التعامل ومقابلة الزبون بوجه طَلِق وابتسامة لو مثل ابتسامة مضيفات الطائرات التي يقدمنها لكل الركاب. ماذا لو فعل الموظف العكس وبدأه بعبارات ما عندنا دولارات تعال بكرة او مد له حزم من فئة العشرة او العشرين وقال له والله دا العندنا عجبك عجبك ما عجبك خليها. هل سيعود لهذه التجربة مرة أخرى؟ .

طيب لماذا لا يتعب اهل الاقتصاد في طرق جذب أموال المغتربين وقد بدأ حديثٌ عما ستقدمه الحكومة للمغترب عند تحويله مدخراته عبر القنوات الرسمية لتعيد الثقة بين المغترب والحكومة.؟ أرى أن هذا طريق مُجرب وعدم الاستقرار السياسي سيهزمه كل من جلس على كرسي مسح او حاول مسح إنجازات سلفه (وربما معاها شتيمة). تبدل الحكومات والنظم والوزراء وقصر النظر والنَفَس واستعجال النتائج كلها من طباع السياسيين على مر العهود شمولية وطائفية، عفوا ديمقراطية.

أتمنى أن تكون البداية زيادة الثقة في النظام المصرفي وان يشعر المغترب ان لا فرق بين المصارف السودانية والمصارف خارج السودان ويضع مدخراته داخل السودان وهو متأكد من انه سيجدها متى ما طلبها. وهنا يأتي دور المصارف في التنافس على مدخرات المغتربين وما تقدمه لهم من حوافز تعود بالخير على المغترب والاقتصاد الكلي وتوجيه وتحفيز كل من يريد عملاً زراعياً (هربت من كلمة استثمار لما شابها من دخَن) أن يجد كل ما يحتاجه عبر البنك وبأفضل من السوق بكثير وكلما كبر العمل الموظف للزراعة والصناعات التحويلية يكون حافز البنك أكبر. وأتمنى أن لا نسمع بإعفاء جمركي لإدخال سيارة وهذا الاستهلاك غير الرشيد.

لابد أن يمارس بنك السودان المركزي رقابة حقيقية وصارمة على حفظ الثقة بين المغتربين والبنوك وان يبدأ بما يراه الكثيرون صغائر مثل فن التعامل مع الزبون مباشرة او عبر الوسائط وان تطور التقانة المصرفية الى اقصى حد. وكل ذلك إذا ما وجد همة رجال يؤمنون بالله ثم بالوطن قبل الأحزاب والجيوب الخاصة يسيرٌ جداً في عالم اليوم.
المطلوب رفع الثقة بين المغترب والبنك وليس الحكومة.
حكومات تجي وتفوت.

ليست هناك تعليقات: