الاثنين، 23 يناير 2017

الوفاء بالعقود

 16-12-2016
أيّها الإخوة المؤمنون، مع الدرس الأوّل من دروس سورة المائدة ومع الآية الأولى وهي قوله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴾
إنّ الله سبحانه وتعالى كما أذكر دائماً يخاطب الناس بأصل الإيمان ويخاطب المؤمنين بالتكاليف، فالتكاليف يخاطب بها المؤمنون والناس يخاطبون بأصل الإيمان.
إذاً حيثما قرأت قوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾
ينبغي أن تعلم هذا من التكليف، وهذا التكليف طبيعي جداً لمن آمن بالله، فدائماً وأبداً الله عز وجل يخاطب الناس بأصول الإيمان، بأصول الدين.
﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾[ سورة الطور: 35
أمّا إذا خاطب المؤمنين يخاطبهم بالتكاليف، إذاً شرف كبير أن تكون مشمولاً بقوله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾
ما من مرتبة ينالها الإنسان كأن يكون منسوباً إلى الله عز وجل : هذه نسبة شرف وتكريم، أي ما من مرتبة ينالها الإنسان كأن يكون منسوباً إلى الله عز وجل، أي من باب الاعتزاز أن تقول: أنا ابن فلان، أنا من بيت علم ، أنا منسوب إلى العالم الفلاني، فحينما تنسب إلى خالق الأرض والسماوات فهذا أعظم تكريم وتشريف للإنسان:﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾،﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾.
العقود هي التي وردت في سورة النساء، ثم إنّ معنى أوفوا بالعقود تأتي بمعنى آخر؛ أي عقد بينك وبين الله حينما تذهب إلى العمرة أو إلى الحج، وتقف أمام الحجر الأسود وتشير إليه وتقول: اللهم إيماناً بك، وتصديقاً لكتابك، واتباعاً لسنة نبيك، يا رب أعاهدك على التوبة النصوح، يا رب أعاهدك ألا آكل المال الحرام ما حييت، يا رب أعاهدك على غض البصر ما حييت، يا رب أعاهدك على فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، يعود إلى بلده وكأن شيئاً لم يكن، لذلك قال الله تعالى:
﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾ على الإنسان أن يعاهد الله وأن يبقى عند عهده : شيء مؤلم جداً أن تعاهد الله ثم تنسى، أن تعاهد الله ثم تخلف هذا العهد، الله عز وجل كأنّه يعاتبنا أو يأمرنا:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾
رائع جداً أن تعاهد الله وأن تبقى عند عهدك.﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾.
المؤمن لا يبدل لا في الشدة، ولا في الفقر، ولا في المرض، ولا في القلق، عاهد الله على طاعته، فهو على عهده قائم في الشدة والرخاء، في الغنى والفقر، قبل الزواج وبعد الزواج، قبل المرض وبعد المرض، أخذ قراراً مصيرياً بطاعة الله عز وجل، أما هؤلاء المتقلبون الذين يعبدون الله على حرف، تارة يقبلون وتارة يعرضون، تارة يتمسكون وتارة يتفلتون، هؤلاء في مرتبة دنيا:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾
منقول بتصرف

ليست هناك تعليقات: