الجمعة، 7 أغسطس 2015

الدامر (من الماء إلى.. صابرين

30-07-2015
سيدي والي نهر النيل، دميرة النيل تحدثنا بالأمس عن شقيانا، كدرها وطينها، واليوم نحكي وأنت تشاهد دميرة بشرية أفاضت علينا بجيوش العابرين الأجانب في هجرتهم الارتدادية غير الشرعية، أوروبا باقتصادها واتحادها وحلفها القادر على تدمير الأرض قضت مضاجعها، وهددت أمنها هجرة الأسماك البشرية العابرة من الشواطئ الأفريقية على مراكب (الطوف)، فهبت دولها مستنفرة برها وبحرها وجوها لصد هجمة تلك الهجرة اللا شرعية هكذا سموها، ودول الخليج الحازية حزو فعل دول العالم الأول المتحضر، ببلدانها الواسعة أرضاً والخازنة نفطاً وخزائنها الممتلئة نقداً، دول بمقدورها أيواء وإطعام أهل أفريقيا جميعاً، هي الأخرى لم تستطع صبراً على (المتخلفين) هكذا تنعتهم لا أدري أهو تخلف ذهني تعنيه أم تخلف عن العودة؟ وربما كليهما!.
والراوي حكى أنهم هناك جمعوا المتخلفين أولئك أحصوهم ألوفاً من غير هوية ولا أوراق ثبوتية!، فقط اللون وعجمة اللسان كانت إثبات هويتهم الأفريقية، شحنوهم على عبارات وإلى أقرب بوابة أفريقية وفيها تخلصوا منهم وسواكن لا تعلم كيف عبروا بوابتها! وواليها الحاذق كان يعلم وكان يعلم كيف يتخلص هو الآخر من رسالة الوارد هذه، والناس هناك رأوا جرارات صادر (الهدي) تحمل بشراً تهبط بهم نهر النيل عتامير (المن والسلوى) ثم العدس والبصل والغثاء، وأشرقت الشمس يوماً على أرتال من النساء والأطفال أربعة أجيال تتابعت من سن الرابعة وحتى الثمانين ينداحون في الأسواق، مواقف السيارات، أمام المساجد وفي كل فراغ يسع اثنين منا تمتد بينهما أربعة أكف منهم تسأل (كرامة) "بترقيق الراء" ولا بسواها ينطقون.
ونهر النيل عرفت في السنوات الماضية هجرات الملايين من أهل السودان إليها من أركان البلاد الأربع حينما كشفت عتاميرها عن نثار تبرها فجاءوها سهلاً ونزلوها أهلاً، ومنهم من استوطن واستقر، ما ضنت بخيرها وتأبت به خالصاً لأهلها، ليت هؤلاء الجدد كانوا منَّا كأولئك
سيدي الوالي، هذا ورثته لا تسأل عنه. ولما كان لا بد لهذه الآلاف أن تنام بعد رهق سؤالها الذي لا تمله، لا بد من مأوى فكانت مستعمرة (صابرين) من سلالة (طردونا وزقلونا وجبرونا) وإنها لسلالة جبر وجبروت، سيدي، الحق وعاجل بمعالجة (عشوائية صابرين) جنوب الدامر فقد فاح عطر من شمها، لا أقول بالبلدوزر بل بالحكمة والقانون والعزم، أن نصبر شهراً على ارتدادات معالجتها خير من صبرنا دهراً على بلاوي ابتلاءات الصابرين فيها. ‏‎ ‎
* محمد الفاتح

ليست هناك تعليقات: