الأحد، 2 أغسطس 2015

سحر السودان

 
25-07-2015
طارق ابن الخمس سنوات القادم للسودان من السعودية لأول مرة في حياته قضى اليوم الأول في مرح شديد ولعب وجرى في ساحات القرية كما لم يجر من قبل. في اليوم الثاني يبدو أنه حسب الأمر رحلة أو حديقة ولكن عندما علم أن المقام سيطول به في هذه القرية أنتابته نوبة بكاء وطالب بإرجاعه لبيتهم بالمدينة المنورة. كنت شاهداً على البكاء والطلب قلت لهم اصبروا شوية.
كان دليلي تجربة حسن ورهام أبناء صديقي وزميل الدراسة بدر، مكثا في أمريكا زمناً طويلاً وأراد والداهما أن يعيداهما للجذور، وجاء الشابان ونزلا في الخرطوم وكانت أسوأ أيام الخرطوم، حيث الانقطاع الكهربائي المتكرر وانقطاع الماء، تذمر الأمريكيان حسن ورهام وأبديا تبرماً مما هما فيه من معاناة وشكيا لأبيهما ما هما فيه ولابد أنهما لعنا اليوم الذي جاء بهما من ولاية ميري لاند لأحياء الخرطوم القديمة.
وتنقضي الإجازة ويحين وقت الرجوع إلى أمريكا ويرفض حسن ورهام الرجوع ويطالبان بتمديد الحجز رغم ما يترتب على ذلك من نفقات، يا سبحان الله ما الذي جد؟
حدثني صديق يعيش في هولندا أن شابا هولندياً ربطته صداقة بشلة شباب سودانيين (عزاب) واندمج معهم أي اندماج وما كان يعرف والديه إلا في عيد ميلادهما حيث يقدم لهما هدية بمناسبة عيد الميلاد ويمارسون طقوساً أشبه بالرسمية. ألا يشكو هذا الهولندي المترف جوعاً اجتماعياً حاداً؟ يعني لابد من جوع اجتماعي أو جوع بطون. حكمتك يا رب!
ألا يحتاج الأمر بحثاً ودراسة؟
يمكن أن نبدأ بمعينات.الفرق بين السودان وكثير من دول المهجر التي يهاجر إليها السودانيون، الفرق المادي قد يكون كبيرا وخصوصا على سكان القرى من أمثالنا لذا يجد الصغار، في بادئ الأمر، استحالة في التأقلم معه.
غير أن الذي ينقص هذه المجتمعات المادية هو الحياة الاجتماعية، فالناس هناك كما الآلات يومهم كله عمل وراحة في انفراد. الله أعلم لا تلمهم إلا ميادين الكرة. غير أن الحياة هنا لها طعم خاص.
بيوت الأفراح والأتراح مجتمعات لها وقع في النفس لا تعرفه المجتمعات الصناعية أو مجتمعات الوفرة لا حاجة لتكافل في تلك المجتمعات إلا في نطاق ضيق. والدولة هناك توفر الكثير الذي يغني أفراد المجتمع عن بعضهم البعض دون تفكير في الجوانب الاجتماعية.
بالعكس المجتمع هنا هو الحياة تكافل وتعاضد ومؤازرة في الخير والشر طبعا هذا ليس إيجابياً في حسابات المجتمعات المنتجة، وربما نتفق أن شيئا من هذا وشيئا من هذا أو سددوا وقاربوا هي المخرج.
الأمر متروك للتخصصات الاجتماعية. غير أن هذه الدنيا لن تكتمل لأحد.

ليست هناك تعليقات: