21-07-2015
|
الكتب مثل الطعام منها ما هو دسم ومنها ما هو لذيذ ومنها ما لا غنى عنه وأخيراً منها ما يصعب أكله وإذا أُكل يصعب هضمه.
أمامي عدة كتب في قائمة الانتظار أنظر إليها، منها ما ابدأه وأضع حداً لما قرأت لأعود إليه. غير أن هناك أربعة كتب في الآونة الأخيرة التهمتها التهاماً ودون مضغ وكأن أحداً سيخطفها مني. اثنان للمبدع الشاب الأستاذ عماد البليك هما (دماء في الخرطوم) و(الشاورما) والثالث (شوق الدرويش) لزيادة حمور. وآخرها تحفة الأستاذ عادل الباز (أيام كارلوس في الخرطوم).
رب سائل لماذا لم تكتب عن الكتب الثلاثة وكتبت عن هذا؟ روايتا البليك أدبيتان وتحتاجان نقداً أدبياً وليس لي باع في النقد الأدبي، واكتفيت بالاستمتاع بهما. وحب الدرويش تحتاج معرفة ببواطن أمور تاريخنا وخصوصاً فترة المهدية وبالأخص فترة حكم الخليفة عبد الله التعايشي، وأيضاً باعي في ذلك قصير. واكتفيت بالتعلم والاستمتاع.
غير أن رواية الباز واقعية ومعاصرة وفيها من جديد أدب الرواية الكثير، وأكثر ما لفت نظري ذكر الأسماء صريحة ومعروفة اللهم إلا ما تقتضي مواقفه الرمز إليه باسم آخر لحساسية الدور أو لاعتبارات أخرى كاحترام حرمة الأموات أو سرية ما قاموا به. وفي غير ذلك تجد المحبوب عبد السلام وعطا المنان بخيت والخطيب وصلاح ونافع وحسب الله وهم الآن يمشون بيننا. وتجد في قائمة غير السودانيين أبو نضال وهاني والملك عبد الله وأسماء من اليمن والأردن والعراق.
في كارلوس عادل تجد نفسك أمام تقرير أمني متكامل وليس قصة وطبعاً الفرق بين التقرير الأمني ورواية عادل أن عادل أديب وذو قلم يقطر عسلاً وتكاد تذوق دسم العبارة ورشاقتها في وقت واحد والتقرير الأمني يقدم لك المعلومات وكأنها حجارة يقذف بها على رأسك أو كأنه مسألة رياضيات أهم ما فيها العبارة الأخيرة الشهيرة (وهو المطلوب).
لا تنسى رواية الباز السياسة في السودان وخصوصاً فترة التسعينات ويوم كان للمركب أكثر من ريس ويكاد يصور لك كيف تسير الأمور ويتنبأ بما هو آت ولكنه ترك ذلك لذكاء القارئ.
غير أنه صوَّر جهاز الأمن صورة مدهشة وذكاء متقد ومتابعة وحذق للمهنة بل وأشار لتخصصات دقيقة ما كان للمواطن العادي أن يعرف حتى اسمها وتمثل ذلك في تخصص مركزو كوكو.
كتب عادل الرواية على طريقة المشهد ويسر له ذلك أن يقفز من مشهد لآخر لا يربطهما رباط زماني أو مكاني ليعود متى ما شاء ليواصل مشاهده في حرية ممتعة.
عادل الباز يحب الخروج على التقليد حتى الإهداء كان بطريقة عادل، وفي الصفحة قبل الأخيرة حتى سيرته الذاتية لم تأت في الغلاف الأخير كما اعتاد الناس بل جاءت في الصفحة.
للذين يريدون أن يعرفوا كيف دخل كارلوس، أشهر مطلوب، الخرطوم وكيف قُبض عليه وكيف سلموه فرنسا.
ترويج: منْ لم يقرأ (أيام كارلوس في الخرطوم) للأستاذ عادل الباز فاته خير كثير.
|
السبت، 25 يوليو 2015
عادل الباز – كارلوس
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق