الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

التمويل الأصغر: كده صاح!

  الإثنين, 19 آب/أغسطس 2013

من مشكلات الزراعة وخصوصاً في مشروع الجزيرة مشكلة إسمها التمويل، فقد جربت الحكومة عدة طرق لتمويل الزراعة كانت دائماً تصب في غير ما خُطط له أو أضرت أكثر مما أصلحت، كتلك المحفظة في تسعينات القرن العشرين التي كانت بفوائد «37.5 %»  وكرَّهت الناس الزراعة.
في قاعة الصداقة في 5/6/ 2011 عقد منتدى تقويم النهضة الزراعية في سنواتها الثلاث الماضية. قدمت أوراق شرحت ما كان في السنوات الثلاث، ومعلوم ان برنامج النهضة الزراعية بدأ في 2008 م. في ذلك اليوم دُعيت كصحفي ولكنني لبست قبعة المزارع وطالبت في مداخلتي أمام النائب الأول أن يوجَّه التمويل الأصغر للزراعة بدلاً من الركشات والبقالات، فالمزارع إن وجد «3» آلاف في بداية الموسم بعد سنتين لن يحتاج لتمويل قط وسيموِّل نفسه بنفسه.
فرحتي كانت كبيرة يوم رأيت الفكرة على أرض الواقع، فمنذ سنتين تقريباً بدأت مؤسسة التمويل الأصغر في ولاية الجزيرة بتمويل الزراعة وبطريقة ممتازة إدارة وإشرافاً وتحصيلاً. ما كنت أعلم كثيراً من تفاصيلها إلا يوم التقيت مديرها الأخ عاطف حجر في مناسبة اجتماعية ومدَّنا بمعلومات مفرحة مثلاً: في الموسم الماضي موَّلوا «7000» فدان وعندما نقول موَّلوا لا يخطر على بالك أنهم أعطوا المزارعين مبالغ وانتظروا سدادها في نهاية الموسم تأتي المبالغ أو يقاد المزارعون للسجون كما يفعل صاحبنا..... لا لا هؤلاء ما كانوا يعطون المزارعين أموالاً ولكن يقومون بالتحضير وإحضار التقاوى وزرعها بزراعات ويأتون بالسماد ولا يرمونه عند «التقنت ويذهبون» ولكن يشرفون على نثره بآلات وكل ما يمكن أن تقوم به المؤسسة لصالح المزارع وعلى المزارع الرعاية والسقاية والإشراف، وفي النهاية لا يقاسمونه الأرباح ولو طلبوا من حقهم ولكن يطالبون فقط بالمبلغ الذي صرفوه. هذه التجربة حلَّت كثيراً من عيوب التجارب السابقة ومنها استهتار المزراع وصرفه للمبلغ في غير ما أراده له المموِّل، ومنها ذهاب كل التمويل للقطط السمان. الآن الفائدة مباشرة ويقولون إن نتائج هذه التجربة على قمح الموسم الماضي، رغم صغر المساحة بالنسبة لمساحة المشروع، إلا أنها خريطة طريق أقنعت كل من وقف عليها حتى المتعافي اقتنع بها وأشاد ودعمها بمليارين بالله لما تقنع المتعافي باقي ليك منو؟
النتيجة زيادة في إنتاجية القمح وتقليل التكلفة وهذين أكبر عاملين في زراعة القمح كل مشكلته كانت في قلة الإنتاجية وارتفاع التكلفة والعطش والأخيرة هذه تحتاج وقفة في مرة قادمه بإذن الله.
بعد نجاح تجربة الموسم الماضي طبقت التجربة الآن على «20000» فدان عشرين ألف فدان ذرة، و«4000» أربعة آلاف فدان فول سوداني ومقترح «12000» فدان قمحاً طبعاًَ لم يأت أوانه فهو محصول شتوي وتقاويها جاهزة وأصعب ما في القمح التقاوي والري. يقومون بذلك برأسمال «35» مليار جنيه بالقديم «35» مليوناً بالجديد. وسألناه عن السداد فقال الحمد لله السداد كان بنسبة «99%»، وعلى البنك الزراعي أن يدرس لماذا لا يسدد له الناس وأين يذهب تمويله؟
حتى الآن التجربة تمشي الهوينا وبنجاح هل آليات التمويل الأصغر الإدارية قادرة على تعميم التجربة في كل مشروع الجزيرة؟ هذا سؤال يجب الوقوف عنده ولكن قناعتي أن المزارع لا يحتاج للتمويل لفترة طويلة سنتين على الأكثر وسيقف على رجليه ويودِّع الفقر.
هذا إصلاح الواقع هل يحق لنا أن نتطلع إلى تطوير عبر مؤسسة التمويل الأصغر؟ هل في النية تطوير شمال الجزيرة مثلاً ليكون ممولاً للعاصمة باللبن والخضروات وكل ما تحتاجه؟
أتمنى تجربة واحدة مدروسة دراسة جيدة لنكون أنموذجاً يُحتذى والمحاكاة أول أنواع التعليم. ألا تذكرون كيف علم الغراب قابيل كيف يواري سوءة أخيه؟ فدعونا ندرس تجربة لإدخال الحيوان في الدورة الزراعية هذا الحلم الذي لم يجرؤ أحد على تنفيذه على أرض الواقع ومنذ عدة عقود هو حبر على ورق أو كلام في مهرجان.
هل يدق التمويل الأصغر صدره ويقول أنا لها؟أتمنى ذلك.

ليست هناك تعليقات: