الأربعاء، 7 أغسطس 2013

الانقاذ بين زمانين

  الثلاثاء, 06 آب/أغسطس 2013

كثير من القراء يذكرون كيف عالجت الإنقاذ في أيامها الأولى الأزمات وخصوصاً أزمة السكر، وكيف عوضه العامة والخاصة بالتمر وكيف كان مجلس قيادة الثورة يمارس دور القدوة حيث لا يحصل الواحد منهم على أية ميزة على المواطن. كانت بدايات متفائلة استقبلها الناس بتفاؤل شديد. ولكن للحكم آفاته، وللسلطان بطاناته التي لا يهدأ لها  بال إلا بإفساده لتفسد بعده وبتناسب طردي كلما طالت فترة الحكم استوطن الفساد وزاد الفاسدون وابتعد أو أُبعد الصادقون. «حسني مبارك كيف؟ ينفع مثال؟»
ما زلت أذكر تعميماً من مجلس الوزراء في تسعينات القرن الماضي ممهور بتوقيع الوزير محمد الأمين خليفة يطلب من كل الدوائر الحكومية أن تستخدم وجهي الورقة ولا تكتفي باستخدام وجه واحد ويترك الثاني بدون كتابة كنوع من التقشف وترشيد الصرف. بالله شوف الكلام دا كيف؟ ولو استجابت كل الدوائر الحكومية لطلب الوزير يومها كم سيكون مجموع ما وفرت؟ ولنقارنه بصرف اليوم. أقولك «عامية بدلاً عن أقول لك» نثرية سفرية واحدة لأي وفد طالع بدون برنامج وعائد بمذكرة تفاهم فقط لا تلزم طرفاً، ستساوي مئات أضعاف ما كان يطمح محمد الأمين خليفة في توفيره من استخدام وجهي الورقة.
نحن في زمان الوزير لا يركب الطائرة مع عامة الناس ومنهم من لا يقبل بالدرجة الأولى مترفعاً عن السياحية درجة العامة لكن الأمر وصل لدرجة أن يسافر الوزير من الخرطوم لمدينة تصلها على الأقل أربع رحلات في اليوم أن يسافر لها بطائرة ليس عليها إلا هو ومدير مكتبه وحرسه الخاص. وبمناسبة الطيران ذكرت قبل اليوم وأكررها رئيس الوزراء البريطاني وبريطانيا تشهد أزمة مالية رفض أن يركب في الدرجة الأولى في هذه الظروف وأصر أن يركب في الدرجة السياحية مع عامة الناس. «يا ربي إمكن نحنا ما عندنا أزمة مالية ولا شنو؟ وبريطانيا الجيعانة دي ما تجي تقول أقرضونا لنعدل من اقتصادنا المتذبذب!!».
بالله قارنوا بين بداية شرب الشاي بالبلح وبين سفر الوزير بطائرة تسع مئات الناس «يقعمز» هو فقط في مقدمتها وتنفث آلاف اللترات من وقود الطائرات الغالي. يوم سافر المرحوم عمر نور الدائم للنيل الأبيض بطائرة هيلكوبتر لمناسبة عزاء، سلقته صحف الإسلاميين بألسنة حداد وهو ما يقوم به اليوم أي موظف ناهيك عن وزير. والوزراء تطوروا لركوب طائرة طلب «أتذكرون تاكسي طلب وليس طرحه هذا لجيلنا فقط يوم كانت المواصلات تنتظر الناس وليس الناس ينتظرون المواصلات وتجد رتلاً من سيارات التاكسي البيجو والهيلمان تحت مظلات المحطة الوسطة أم درمان ليحملوك حيث تريد بخمسة قروش والبص بقرش ونصف».
هل مثل هذه التصرفات مرصودة؟ وهل هناك من القوانين واللوائح والبرتوكولات ما يحدد من الذي يسافر بالطائرة ومن الذي يسافر في الدرجة الأولى؟ ومن الذي يسافر في الدرجة السياحية؟ ومتى تستأجر الطائرة ؟ وممن تستأجر الطائرة؟ وبكم تستأجر الطائرة ؟ ومن الذي يأخذ الأذن للطائرة اذا كانت الرحلة خارجية؟ ومن الذي يرجع الطائرة وبالمناسبة أخذت أجرتها كاملة حتى طهران أم اكتفت بأجرة البحر الأحمر؟ كبداية للشفافية نتمنى أن يملك الشعب السوداني كل تفاصيل إرجاع طائرة الرئيس وأن يحاسب المقصر علناً وليس على طريقة الله يهديك يا فلان دي عملة تعملها تاني ما تعمل كده. هذه كرامة شعب انتهكت.

ليست هناك تعليقات: