اليوم يجلسون
|
في مثل هذا اليوم من شهر مارس 1971م جلست لامتحان الشهادة السودانية ربما لم يكن أحد من الأسرة يعرف ذلك لعدة أسباب بعد المسافة وقلة الاتصالات، إذ كنا في داخليات المدارس الثانوية، يوم كان للمدارس داخليات، ولا نزور أسرنا إلا كل شهر مرة، وإذا ما كان الأمر إجازة دفعت لنا المدرسة حق السفر للذين يسافرون باللواري والذين يسافرون بالقطارات يدفع لهم بتصريح سفر على السكة الحديد. ولا وسيلة للسفر غير هاتين إلا بصات كانت تسمى (النجدة) بين الحصاحيصا والخرطوم وهي لواري عدلت لتصبح بصات.
نعود.
ما كان يشاركنا هم هذا الامتحان إلا الأساتذة وأسرة المدرسة ومنافسة الأقران لكن قطعاً كانت دعوات الوالدين بظهر الغيب حاضرة. رهبة تلك الامتحانات لماذا؟ قلة الفرص في التعليم الجامعي كان عدد الممتحنين أقل من عشرة آلاف في طول السودان وعرضه، تقبل جامعة الخرطوم منهم ألفاً واحداً وكل الباقين إما أن يوظفوا أو التحقوا بالمعهد الفني أو جامعة القاهرة فرع الخرطوم، وهذه لها قصة إذ كان طلابها موظفين يدرسون بها ليلاً بعد أن يعودوا من وظائفهم.
يبدو أن من رهبة الشهادة في ذلك الزمان أن النتائج كانت تذاع عبر الإذاعة وبالاسم رباعياً أي أن كتابك معروض على كل الناس.
اليوم الإثنين السادس عشر من مارس 2015 تجلس أصغر كريماتي لهذا الامتحان، والذي كان يصر أخونا المعتصم عبد الرحيم رحمه الله أنها الشهادة الثانوية وليست الشهادة السودانية. (اللهم ارحم المعتصم واغفر له وموتانا وموتى المسلمين أجمعين) .
اليوم تجلس سارة بعد سهر شديد وعون من أخواتها وبعض مني في حدود تخصصي كل هذه بعد مجهود مدرساتها في مدرسة اللعوتة الحكومية المتفردة والمنضبطة والحاصلة على كثير من الجوائز. علاوة على المذكرات التي تباع في الأسواق تحت مسميات مختلفة. والقنوات الفضائية التي تقدم الدروس مثل قناة طيبة وقناة أم درمان وقناة المعرفة.
يجلس مع سارة 458565 طالب وطالبة يعني بزيادة 450 ألف طالب وطالبة ورغم عشرات الجامعات المتوفرة من جامعات حكومية وغير حكومية إلا أن الاهتمام بالشهادة الثانوية تضاعف عشرات المرات ورغم المعينات التي تتوفر الآن مقارنة بزماننا ذاك. تنافس بين الإخوان في البيت الواحد، وبين الأقارب في الأسرة الممتدة وقد يكون مكبوتاً وبين زميلات الدراسة. كان الله في عون الجالسين اليوم لامتحان الشهادة الثانوية.
هل هو اهتمام بالتعليم؟ هل هو أثر الإعلام؟ ما الذي جعل الاهتمام بهذه الشهادة كبيراً لهذا الحد وإعلان حالة طوارئ في كل البلاد وزارة الداخلية من جانب والجهات الأمنية من جانب آخر ووزارة التربية والتعليم، وكمان جابت ليها حوامة سياسيين يجوبون المدارس وخلفهم عشرات (الكدايس) يزعجون ويشوشون على الممتحنين ولا يقدمون شيئاً.
وفقكم الله أيها الممتحنون.
|
الاثنين، 23 مارس 2015
اليوم يجلسون
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق