الاثنين، 23 مارس 2015

المسافة بين التحت والفوق

المسافة بين التحت والفوق   
10-03-2015
لا أعني المسافة بين الطائرة والأرض لكن المسافة بين الجالسين في المكاتب المكيفة والشعب هوة تحتاج ردماً كثيراً. كتلك الهوة بين الديوم والامتداد التي قال فيها إسماعيل حسن:
بين الديوم والامتداد / شارع ظلط للعين يبين / لكنه في الحق ما هو شارع / دية آلاف السنين / ليل المطر في الامتداد تجيب / عطور الياسمين / لكنها في الديوم ما موية ماصت ليه طين.
مناسبة هذا ظللنا نكتب عن السلطات الممنوحة لدوريات المرور على الطرق السريعة سنين عددا، وفي كل مرة نقول منح سلطة قضائية وتنفيذية وناجزة كل هذه السلطات تمنح لرجل الشرطة على الطرق القومية يقدرونها كيف يشاؤوا دون استئناف ولا مراجعة ولا رجاء هذا أمر غير مسبوق.
كل هذا ليه وتاني رجعت ليه. اتصل علي صديق برتبة شرطية عالية، وقال إن اخته اتصلت عليه تقول إن دورية المرور تريد منهم دفع تسوية فورية. سألها ما هي مخالفتكم قالت أحمل ثلاجتين على بوكس ملاكي، وبما أنه ملاكي عليها أن تحمل فيه تلاجة واحدة، هكذا قال لها الشرطي وبما أنها تحمل تلاجتين فهذه مخالفة. تخيلوا طيب ماذا تريدنا نعمل أيها الشرطي قال لهم تحملوا تلاجة واحدة وتعودوا مرة ثانية وتحملوا الثانية يا للذكاء وما أبلد الذي صنع البوكس. المهم لم يدفعوا الغرامة وتركهم. ولكن ربح هذه الحادثة أنها رواه وبغضب شديد ضابط شرطة كبير، وكأنه أول مرة يسمع بهذا التعسف الذي يحدث كل ساعة وعلى مدار اليوم.
حين كان يحدثني صديقي الضابط كان بالقرب مني أحد أقاربي وحكيت له الواقعة. وذكر لي أنه مرة كان يقود سيارته وأمامه قلاب يحمل خرصانة طار منه حجر وشق الزجاج، قال نويت أن أغير الزجاج وبيني ومكان الزجاج مسافة أوقفني شرطي مرور، وقال ادفع غرامة زجاجك مشقوق. قلت حدث هذا اليوم وأنا في الطريق وفي طريقي لتغيير الزجاج. ادفع وبس قال والله دفعت ماذا أفعل؟
يا سادتي كبار الشرطة إنا نحسن الظن بكم ووضعتم هذه القوانين للسلامة، ولكن الآن القانون في وادٍ وشرطتكم التي على الطريق في وادً آخر، وهذه السلطات الممنوحة لهم لا يقبلها عقل أن يحكم وينفذ في الحال دون مرافعة ولا استئناف، هذا ما لا يُقبل وجر للشرطة جفوة بينها والمواطن الذي هي في خدمته، وكأني بها فَرِحةٌ بالعائد المادي من التسويات الفورية ويا له من مال مغصوب معه دعوات مظاليم لم توفر لهم مقومات العدالة وتدرجها.
قديما قال الرائد زين العابدين محمد أحمد عبد القادر لمجلس قيادة الثورة: يا اخوانا صلحوا سجن كوبر يمكن الزمن يجيبكم ليهو.
أليس في القوم رجل رشيد يحوسب هذه الطرق ويريح العباد بإحقاق الحق ومساواة الناس أمام القانون؟، ويوفر هذا الجهد الضائع عشرات الرجال في كل دورية والحوادث كما هي لم تنقص وربما زادت.
صوت من بعيد: لن يسمعوك عينهم على الحوافز.

ليست هناك تعليقات: