أريد اليوم أن احكي قصة سمعتها من مدرس فاضل ومدرس مثال لن أقول من مدرسي الزمن الجميل إذ الزمن ستشهد القصة على عدم جماله.
قال محدثي بينما أنا خارج من المسجد النبوي بالمدينة المنورة استوقفني شاب وقال أأنت الأستاذ فلان ؟ قلت:نعم. بعد سلام ثانية وثالثة أقسم أن اذهب معه لبيته. قلت يا أخي ما المناسبة؟ أنا زائر للمدينة وعلى سفر. أصر إصراراً شديداً أن اذهب معه لبيته. حتى هذه اللحظة لا أدري من هو وما علاقتي به وما سبب الإصرار. نعم السودانيون في الغربة متواصلون ويحترمون بعضهم لدرجة تحسدهم عليها كثير من الجاليات.
ذهبنا إلى بيت وبسيارته. قال أنا فلان بن فلان أعمل مهندساً هنا في المدينة المنورة. وأنت يا أستاذ درستني في المرحلة الأولية بقرية كذا بمنطقة المناقل. قال المدرس قلت في نفسي ودرست غيرك آلاف هذا السبب لا يكفي سبباً لهذا الإصرار. رددت عليه جزاك الله خيرا ووفقك.
قال المهندس : غير أن الذي لا أنساه ما حييت موقفك معي. يا أستاذ كان من عادة أطفال ذلك الزمان في تلك المدرسة أن يخلعوا أحذيتهم ويمشوا حافيين وكان ذلك يضايقك وكنت تجلد من يفعل ذلك. كنت أنا حافي القدمين وأمسكت بي لتجلدني قلت لك أنا أصلاً ليس لي حذاء وشرحت لك حالي وحال أسرتي فما كان منك إلا أن كتبت ورقة لصاحب الدكان ليعطيني حذاء جديداً.فرحتي بذلك الحذاء لا تعادلها الا فرحتي بلقائك اليوم.
قال الأستاذ: بارك الله فيك. الحمد لله.
تبادلا الحديث والذكريات وأكلا غداءاَ فاخرا وتحدثا في امور كثيرة وجاء وقت الوداع أعاده المهندس الأستاذ إلى نزله ومعه هدية كبيرة جداً. قال الأستاذ : يا ولدي المهندس والله انا بخير وقد أكثرت هذه الهدية يكفي التواصل وحفظ الجميل الذي لا أصنفه جميلاً بل واجب. وتعانقا والدموع في أعينهم.
الم اقل لكم لم يكن الزمن جميلاً ؟ حتى حذاء البلاستيك لا يستطيع شراءه كثير من الناس.(وبرضو فاتحين رأسنا الزمن الجميل الزمن الجميل يبدو انه كان جميلاً في أم درمان والختمية فقط).
ما رائكم في وفاء تلميذ الأمس ؟ وما رائكم في نبل مدرسه. لن نقول هذه الأمثلة اختفت ولكن كثير من ذلك الفقر زال أو الفرق بين المدرس وتلاميذه لم يعد بذلك الفارق. أو الأمر تطور بحيث صار في مدارسنا مشرف اجتماعي أو مشرف طلابي يعرف ما لا يعرفه الأساتذة عن الطلاب ويحل مشاكلهم بعيداً عن المدرسين . أموجود هو؟ هذه الوظيفة لماذا هي غائبة في مدارسنا مما جعل أسرار الطلاب على ألسنة كل المدرسين يجترونها وهم يفطرون بلحمين آدمي وحيواني.
إلى وزارة التربية هذا المقترح : دعونا نرى هذا المشرف او المرشد الطلابي في كل مدارسنا.
سامحني يا أستاذ لم استأذنك في نشرها ولكن رأيت أن يسمعها غيري.
التيار مايو 2010 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق