السبت، 22 مايو 2010

كوارث أم حوادث مرور

بالأمس حادث آخر على طريق الخرطوم مدني؛ وعندما نقول حادث لا نعني به انقلاب عربة أو تصادم سيارتين بالجنب؛ ولكن الحوادث في طريق مدني صارت كضحايا الحرب؛ عشرات الموتى والجرحى وتهرع إليها صحف (بالصورة والقلم) وتُصوِّر الضحايا ويصبح موضوع أُنس هنا ومأتم هناك. أسباب الحوادث في طريق الخرطوم مدني أولها ضيق الشارع مقارناً مع كثافة الحركة فيه؛ كل الكوارث ناتجة عن تخطي مما يعني لو كان الطريق أعرض ولو بمتر واحد لما حدثت هذه الكوارث؛ ولماذا لا يكون مساران من كل جهة؟

هذه البصات الضخمة التي يقودها - في الغالب – غير سودانيين كانت سبباً في حوادث مميتة بل كوارث؛ وغاية ما تسمع منهم (مُؤمّن شامل) هل التأمين الشامل هو مدعاة للاستهتار بحياة البشر؟ سؤال للباحثين عن الحقيقة وليس الباحثين على الغرامات والتسويات الفورية. إلى مدير عام المرور والى مدير المرور السريع؛ هل نقاط المرور على الطرق السريعة لها أي دور في تخفيف الحوادث أو منعها؟؟؟ هذه النقاط أشبه بكشف العرس؛ حيث يجلس ضابط برتبة ملازم في سيارة وأمامه شنطة؛ وعلى الطريق جنود لاصطياد الضحايا. حتى مايكرفونهم لا وقت لهم لاستخدامه في توجيه أو إرشاد الضابط منهمك في كتابة الإيصالات التي لا نعرف عن مصيرها كثير شيء؛ ولا يقرأ مُغرَّمٌ ما كُتب له من مادة؛ فالضابط في نظر السائق عدو شرس لا يريد إلا ما في جيبه.

الإدارة العامة للمرور مع كل ترخيص جديد لمركبة هي مطالبة بجهد جديد.هل رخص القيادة التي تُمنح للسائقين شباب أم كبار هل هي شهادة براءة دائمة؟ لماذا لا يصاحبها ملف تُسجل فيه كل مخالفات السائق صغيرة وكبيرة ولكل درجة؛ وعندما يبلغ الأمر حداً معيناً تسحب الرخصة تماماً. ويكون لمسببي الحوادث بالمركبات العامة الحاملة للبشر طريقة خاصة؛ حيث يعمل من يسوق حافلة أو بصاً عليه بشر ألف حساب، وقد تصل عقوبته لسحب الرخصة من أول حادث حسب نقاط الأخطاء. هل هناك إحصاءات؟ هل هناك دراسات؟ لهذه الحوادث أم اكتفت شرطة المرور بهذه الغرامات وجدول المخالفات الطويل الذي يحفظون.

ما لنا لا نرى هذه الشرطة تمارس التوجيه والإرشاد المستمر على الطريق؟ ماذا لو جعلت شرطة المرور السريع هذه السيارات تجوب الطريق وتوعي هذا وتطالب هذا بتخفيف السرعة وذاك بعدم التخطي؛ وذلك بالمحافظة على مسافة الأمان بين السيارتين.

ماذا لو فتحت وزارة المالية يدها وأمرت بجعل الطريق اتجاهين؛ ألم يسمعوا قوله تعالى {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} [المائدة: 32]. أتمنى أن يُقرأ أعلاه بكل عقل مفتوح وبدون حكم مسبق يا إدارة المرور أو تبرير محفوظ.

صحيفة التيار الخميس 20 مايو 2010 م

ليست هناك تعليقات: