الثلاثاء، 29 ديسمبر 2015

الآن فهمت، الآن فهمت

15-12-2015
يحكى أن امرأة جميلة ومدللة من نساء الأحياء الراقية استوقفت رجلاً نحيلاً وهزيلاً على حمار وطلبت منه الدخول إلى بيتها بل قل إلى فيلاتها الجميلة. استغرب الرجل وأوقف حماره في الشارع وربما ربطه على عمود الكهرباء.
أدخلته إلى غرفة وطلبت منه أن يخلع جلبابه وفعل ونفسه تحدثه وصدره عارٍ وضلوعه يسهل حسابها ولمسها وبطنه ملتصق على ظهره من الجوع. غابت عنه زمناً وجاءت ومعها أطفالها وقالت لهم ويدها تشير إلى نصف الرجل العاري: شفتو إذا ما شربتوا الحليب ح تبقوا متل دا.
تذكرت هذه القصة وسوري وقور عليه لحية بيضاء متوسطة الطول في محطة من محطات البنزين يمد يديه ويقول: أخوكم من سوريا. جال شريط طويل من ذكريات مع سوريين عشت معهم زمناً وكيف كانوا يحدثوننا عن سوريا هذا في زمن قبل زمن الفضائيات ولم تكن هناك مقارنة بين سوريا والسودان قبل ثلاثين سنة إلا من حيث التعليم أما بناها التحتية وحضارتها فلا مقارنة أبداً.
تخيلت كيف كانت حال هذا الرجل الوقور قبل الحرب اللعينة التي دارت في سوريا. قطعاً كان في بيت شامي حوله خضرة لا توصف ويسمع لوديع الصافي يغني (ليلى إن جار عليك الزمان بتعيش على الزيتون والجبنة). يوم كان الزيتون والجبنة من طعام الفقراء.
صراحة سألت نفسي هل سمحت الجهات الرسمية للسوريين كإخوة؟ أو من ناحية انسانية؟ ربما هذا ولا نريد أن نقول لا نتفوق عليهم الآن إلا في (وآمنهم من خوف) أما من ناحية الفقر فينا ما يكفينا .
وخطرت ببالي خاطرة خبيثة أن الجهات الرسمية ولا أستطيع أن أحدد المؤتمر الوطني أم الأمن أم الحكومة المهم جهة فيها ذكاء خبيث أرادت أن تقول لنا إذا أبيتمونا أو رفضتمونا او سألتم عن بديل سيكون حالكم مثل حال هؤلاء السوريين، كأحدث شعب مشرد. إذا ما شربتو الحليب ح تبقوا مثل السوريين ديل.
أليس هناك مخرج؟ إما الفوضى أو هذا الذي بين أيدينا وأقل ما يوصف به أنه حكم ضعيف لا ينهى عن منكر ولا يبطل فساداً. أليست الحلول أوضح من عين الشمس.
الاقتصاد متدنٍ ووزير المالية بدلاً من أن يطلب من رئيس الحكومة الاستغناء عن هذا الجيش الجرار من الدستوريين ونفقاتهم التي تهد الخزينة العامة ولا جدوى منهم إلا أنها الترضيات. ماذا لو حلت الحكومة واستبدلت بحكومة من عشرين وزيراً على الأكثر وماذا لو حل المجلس الوطني ومجلس الولايات؟ ويبيع وزير المالية كل سيارات الدستوريين المليارية. وزير المالية يبحث في الحل الذي لم يعد له عدة وتجده يعيب على الشعب عدم إنتاجه. وننتج كيف وليه.
متى نسمع عبارة الآن فهمت؟

ليست هناك تعليقات: