الأحد, 18 أيلول/سبتمبر 2011
عندما يضيق السياسي بالقانوني فهناك مشكلة. وفي ولاية الجزيرة صراع في عدة جهات ربما نبالغ ونقول لا عمل للقادة هنا الا الصراع الذي صار عملهم وديدنهم. صراع مع القدامى أفضى لمذكرة العشرة وما تلاها من تكتلات وتخندق جعل السياسيين في تشظٍ وفصلٍ من الحزب وتجميد عضوية، وأحيانا استقالة وزراء، وكل فريق يهرول ليشكو للمركز. والمركز يمد لسانه طويلاً ويقول انتم آخر من نفكر فيهم.
يهرول للمركز هذا بملف فساد وذاك بملف محاباة وتخطي المؤسسية، والمركز لا يأبه بهم، وكلهم عنده سواء، وقد ملَّ من هذه الصراعات غير المسلحة، وما عاد يلتفت إلا لمن يحمل السلاح حرباً وترضية.
كل هذه مقدمة لنقول إن هذه ليست المرة الأولى التي ينقل فيها مدير الإدارة القانونية من ولاية الجزيرة، فقد سبق هذا الوالي، الوالي السابق عندما اختلف مع مدير الإدارة القانونية في أمر دريم لاند التي سميت في ما بعد بفساد لاند. وطلب الوالي السابق من وزير العدل السابق أن يريحه من مدير الإدارة القانونية الأستاذ أحمد عباس الرزم، وقد نفذ وزير العدل السابق طلب الوالي السابق وأراحه منه، ليخلو له الجو القانوني وينفذ ما يروق له في دريم لاند. بالله أليست هذه في حد ذاتها مشكلة.. إجابة طلبات الولاة بلا تحقق ولا تريث ولا تقصٍ.. فيقول الوالي ارحني من فلان ويُراح بهذه البساطة.
عندما جاء الوالي وبحسه السيكولوجي قبل أن تحيطه به الدائرة المغلقة التي صار لا يرى إلا بعينها ولا يفكر إلا عبرها، وإذا لم نشطط ونقول لا يفكر إلا بعقلها، مقدرته السايكلوجية رأت أن يطلب عودة الأستاذ أحمد الرزم مدير الإدارة القانونية لولايته ليعينه على الحق، هذا يوم كان الحق مطلقاً وليس هوىً.
تكرر نفس الفيلم هذه الأيام، فضاق الوالي أو بالأحرى ضاقت الدائرة التي حول الوالي، حيث أن الوالي صار مفوضاً أمره لمستشاره بالكامل تقريباً أو هكذا يقول العارفون ببواطن أمور ولاية الجزيرة. ويختلف الساسة ويريدون من القانوني النزول لرغباتهم، وأن يفعل ما يأمرون به، خالف ذلك القانون أو اتفق معه، فالطاعة صارت قبل الحق عند عالم علم النفس ومن حوله.
يضيق الوالي ذرعاً بمدير الإدارة القانونية، ويعكر الصفو بينهما، ليجد نفسه منقولاً من ولاية الجزيرة إلى رئاسة الوزارة بالخرطوم. ويتكرر نفس المشهد في نهايات أيام الوالي السابق. وهذا الرجل ظل كما هو لم يتبدل دوره ولم يغير مهنيته التي يسأله عنها الله، ولكن الولاة هم الذين يتغيرون.
غير أن سؤالي إلى متى تُدار الأمور بالأمزجة الشخصية؟ منْ يحاسب منْ؟ ومتى تحكمنا القوانين وليس الأمزجة والاستلطاف الشخصي، ومدير الإدارة القانونية مرغوب فيه مرة وغير مرغوب فيه مرة أخرى، لأنه لم يلب رغبات السياسيين. ففي أي عصر نحن وفي أية دولة نحن؟ يبدو أن النزاهة لم تعد مؤهلاً مطلوباً.
ربَّاه إلى أية حافة تتدحرج ولاية الجزيرة وإلى متى؟
غداً بإذن الله نتحدث عن طلمبات مشروع سوبا غرب بما رأينا وما سمعنا من القائمين عليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق