بنفس العنوان كتبت قبل عدة سنوات وتلقيت ردودا كادت تخرجني من ملة التربويين. لكن الذي هيج الذكرى هو العيد الماسي لبخت الرضا وكيف تبرع له المعلمون براتب ثلاثة ايام قالت بها نقابتهم على لسان رئيسها الدكتور عوض النو ومن المبررات لهذا التبرع أنه رد دين قبيلة المعلمين (لمعبودتهم) بخت الرضا. ما بين القوسين من عندي.
لا أحجر على الرومانسيين رومانسيتهم فالكل مخير في طريقة تفكيره لكن هذا الصرح التربوي الذي اسمه بخت الرضا صراحة لا أكن له أي احترام رغم انه قد أدى دوره في ذلك الزمان.أما أن يُبكى عليه ويصبح معبودا ورمز لا يحتمل النقد وحائط مبكى تلحقه عبارة ( يا حليل بخت الرضا) و معلم بخت الرضا فهذا ما لا يقول به إلا عشاق حقيبة الفن.
العالم لا يسير بل يجري تقدما ونحن نبكي على تجربة قديمة وما وقف عاطل تفكير وابتكار إلا وقال سنعيدها سيرتها الأولى. تعيد ماذا و40 مليون على ارض مساحتها مليون ميل مربع ( رغم أن الميل وحدة منقرضة) ينتظرون اللحاق بالعالم وأنت تريد أن تجرهم ( لماء بئر جره بالعجل).
تجربة بخت الرضا أن جاز محاكمتها اليوم - وليس في زمانها - أنها تجربة لا تحترم المعلم قط بل كانت هي أول ماكينة تصوير بشرية ، تفرض أن المعلمين كلهم نسخة واحدة يجب أن يدرسوا الدرس بطريقة واحدة في كل بقاع السودان وفي نفس اللحظة.هذا إذا تجاوزنا بعض سذاجة المنهج التي لا يمكن أن نحاكمها اليوم.
يا سادتي يكفينا حقيبة فن واحدة لا تتقوقعوا وهذه الأجيال تتطلع إلى اللحاق بالعالم لن يلحقها حمد والجمل.
المعرفة في انتشار بسرعة هائلة والزمن قصير جدا يجب استغلاله كله بالمفيد حتى نتحرر من كثير من مخلفات الماضي. قوة الأجيال القديمة (وكنكشتها) يجب أن تجد من يضربها على أصابعها – بعد تقديم كل عبارات الثناء من أمثال سعيكم مشكور كتر خيركم هذا ليس زمانكم .
رب قائل بخت الرضا ستواكب الزمن الحديث وتضع من المناهج والطرق ما يقفز بالتربية والتعليم في السماء وتلحق بالعالم في لحظات.المكان والاسم والحرس القديم كل هذه مكبلات تجعلها تدور في سنعيدها سيرتها الأولى.
نريد تعليما مواكبا أدواته الأقمار الاصطناعية والانترنت وكل مستحدثات العصر نريد الطالب مبتكرا لا مقلدا ومسترجعاً نريد تفتيح طرق وليس (قوادة) نريد معلما يعترف بعبقريات الطلاب ومعلما يستطيع مسايرة العصر لا راعي يوقف عقولهم عند عقله بالعصا ( بكل انواعها).
نريد دولة تصرف على التعليم ربع ميزانيتها او كل ما كانت تصرفه على الحرب فلتصرفه على التعليم لنرى كل الشعب منتجا أين ما وقع نفع. نريد تعليما ليس الامتحانات التقليدية مقياسه الوحيد في أسوأ عملية استرجاع وكلما كان الاسترجاع مطابقا كان حصد الدرجات اكبر متجاهلين الابتكار والعبقريات.نريد تعليما لكل المستويات ذوي الاحتياجات الخاصة في الأسفل وفي الأعلى ( المتخلفون عقليا والمتفوقون الموهوبون كلهم ذوي احتياجات خاصة).
أقول هذا ولن يجردني أي من كان من تربويتي أقول وبكل تواضع خريج تربية الخرطوم قبل أربعة عقود تقريباً وجددتها بماجستير في تكنولجيا التعليم.
ابعد هذا اتهم في تربويتي؟؟؟
25/10/2009 م صحيفة الحرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق