الاثنين، 4 مايو 2009

زفـت وقطـن

أن نحمل أقلامنا ونجعل منها سياطا تلهب ولا تسطر إلا لعيوب، في ذلك عدم إنصاف. وقد يدخلنا في قول الشاعر (والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئا جميلا) ولكن نفوسنا والحمد لله نفوس مؤمنة وأملها في الله كبير وحسن ظننا بالله يجعلنا نتمنى الخير لكل الناس.
لما هذه المقدمة ؟
دخلت غرب الخرطوم بالأمس بعد طول غياب ورأيت ما صار إليه لدرجة كدت أسأل أين أنا فالشوارع جميلة ومسفلتة وعريضة ومرصوفة في أناقة جعلت المقرن يطالب كل الذين تغنوا له أن يعيدوا أغنياتهم وينظروا لجماله اليوم فقد زادته وزارة التخطيط العمراني حلاوة على حلاوته.وإذا خرجت منه لشارع النيل لكان يومك سياحة حقيقة والمداومون على شارع النيل لا يعرفون جماله إلا إذا لفتهم له زائر - وخصوصا الخليجيون – نيل وخضرة وزادات زهور ونوافير لله در القائمين عليه وعلى كل جماليات الخرطوم وتحريكها من أقبح ثلاثة مدن رآها زائر قبل عقد من الزمان ورفيقتيها صنعاء ومقديشيو ليتنى اعرفه لأقول له اخرج خرطومنا من القائمة وابحث لك عن مدينة غيرها.فخرطوم عبد الوهاب وعماد وصحبهم صارت تغطيها الخضرة وصار للأطفال والأسر في لياليها حدائق وسمر ومتنفس وإضاءة.
تذكرت كل هذا الخير وهذا التحول ولكن النفس الأمارة بالسوء سألتني وماذا عن القطن؟ قلت لها إن في هذه البلاد عدم توزيع ادوار وهذه البلاد تدار بالاجتماعات والمغانم والتطبيل وليس لها وجيع .
فقد امتحنها ربي هذه السنة بخير كثير في الزراعة والثروة الحيوانية فرسبت في الامتحان بل كادت تأخذ صفر عديل. قطن لم نره منذ زمن طويل أهمله الجري وراء المغانم والمشغوليات الفارغة حتى الخيش عجز القائمون عليه من توفيره ناهيك عن كذب الوعود بالشراء المباشر والدفع الفوري . المزارعون المدمنون على الزراعة إدمان بعض الناس - شفاهم الله- على الخمر باعوا كل الذي أمامهم ليدفعوا مصاريف جني القطن(اللقيط ) وهم يبيعون معزة الشاي وعجل البقرة والفول السوداني برماد القروش ليفوا القطن حقه. وبعد ذلك يلتفتون ولا يجدون حتى الخيش ليجمعوا فيه قطنهم . وحالهم هذه يسالون ما السبب؟ تأتي الإجابة أقبح من الذنب :مجلس الإدارة ما تكون. ويرد احدهم الم يتدخل يان برونك ويطالب الحكومة بتكوين مجلس الإدارة ؟ وإلا يكلم عميه انان و بوش ويرفع تقريره بعدم تكوين مجلس الإدارة علشان ما يشتري خيش ويجيب سلفيات للقيط. وبعد قليل نرى قضية القطن في الفضائيات ،عجز السودان عن لقيط قطنه، السودان يرفض التدخل في لقيط القطن ، لقيط القطن مسألة داخلية لا يسمح السودان بالتدخل في سيادته ،المزارعون موافقون ويثمنون دور الاتحاد العظيم الذي انتخبوه في انتخابات نزيهة شهدها العالم كل العلم أرسل المراسلين وشهدوا بنزاهة وباركوا اختيار المزارعين لاتحادهم الدائم أبدا. الدائم الله.
صورتان متناقضتان تماما الخرطوم تزداد جمالا والإنتاج الزراعي والحيواني في تدهور مستمر من يعدل الصورة المقلوبة يا فتح العليم؟ أين السمسار القديم أين الشركة السلعلع من يسلفنا ارخص أنواع الخيش لنلم قطننا؟
لعمرى كيف صار الزفت ابيضاً والقطن اسوداً؟

فبراير 2006 م

ليست هناك تعليقات: