تقودني خطايا كل ثلاثة أو أربعة أشهر لنافذة الصندوق القومي للتأمينات الاجتماعية بشارع الجمهورية بالقرب من جامعة الخرطوم لصرف معاش احد أقاربي الذي خدم في وزارة الري وتحديدا في مشروع الجزيرة 33 سنة من عمره قضاها على حماره من ترعة لترعة يسجل مناسيبها ويبلغها عبر الهاتف ( هذا يوم كان للترع والقناطر هواتف ومناسيب لا تزيد ولا تنقص وليس هبتليات الحفر والانسياب الحالية القوي يغلب الضعيف).
اُحيل قريبي للمعاش بسبب الشيخوخة فقد بلغ الستين ونسبة لصعوبة حركته لأنه يمشي برجل اصطناعية فتوكلت على الله وصرت اصرف له معاشه بالوكالة منذ 2001 م ولضآلة المبلغ المخجلة والتي لا تستحق ان تذهب له كل شهر فصرت اذهب لهناك بعد كل ثلاثة أشهر فمعاشة 37 ألف جنيه يعني لا تكفي لإعاشة أسرته ليومين قل ثلاثة كيف يقضي باقي الشهر .( بالله وجبة أي زائر لمؤتمر كم تكلف ؟ نزله في فندق كم يكلف؟ دع عنك مؤتمرات القمة ذات اليخوت أتحدث عن المؤتمرات التي انعقدت وانفضت ولم يطبق من توصياتها إلا الإعلام والظهور على الشاشات وفائدة المقاولون ومقدمي الخدمات).
الصورة داخل نافذة الصرف تلك مخجلة ومؤلمة وتحتاج شاعرا مثل صلاح احمد إبراهيم ليصورها بدقة . الناس هناك لا تعلو وجههم ابتسامة فإما امرأة عجوز أو رجل عجوز يمشي على ثلاثة أو يقوده ابنه والصفوف طويلة والمقابلات من الشباك خارج المبنى وكأننا في القرن الماضي. والمعاشيون لا يلومهم احد إن هم تدافعوا لصرف هذا المبلغ الزهيد في أول كل شهر وجاءوا بالآلاف .
لا أريد أن انقل هذه المأساة التي تقطع القلب من ضآلة المبلغ إلى طريقة صرفه.
ولكن
أسئلة للصندوق القومي للمعاشات
هل قارنت هذه الطريقة بالطريقة التي تصرف بها المعاشات في أي مكان في الدنيا اسألوا متقاعدا قادم من بريطانيا وقولوا له كيف يا معاشك لا اعني العبارات الجميلة التي ترافقه بل المبلغ. ببساطة ينزل في حساب منتظم ؟
ما الذي يمنع أن تنزل هذه المبالغ إما في بنوك بعينها وإما أن تقدم بطريقة أريح من هذه كأن يكون الشهر كله أيام صرف والكل يعرف متى يومه ويقف وقفة واحدة أمام موظف واحد من شباك واحد ليأخذ مبلغه في كرامة.
بقي أن نشهد أن هذا الصندوق يقدم دعما من حين لآخر بعد أن وجد المبلغ مخجل جداً. وشهادة أخرى إنهم يستخدمون الكمبيوتر في تجهيز أوراق الصرف.ولكنهم لا يستخدمون كل طاقة موظفيهم.
بالمناسبة : هل يعرف الجماعة الفوق مثل هذه المتاعب؟
مارس 2006 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق