الثلاثاء, 29 تشرين2/نوفمبر 2011
> حادثة أولى
يُقال إنه على أيام حكم جعفر نميري، أن قائد القوات المسلحة الفريق بشير محمد علي سمع خبر إعفائه من منصبه من الإذاعة في نشرة الثالثة، على طريقة نميري. فما كان من سعادة الفريق إلا أن أمر السائق بإيقاف السيارة وأمره بإنزال العلم الذي في مقدمتها. وواصل سيره بدون علم.. غاية الانضباط والمسؤولية.. عسكري محترم.
> حادثة ثانية
كان أحدهم والياً قبل سنوات وتعاقب على منصبه واليان على الأقل، فخالف مرورياً وأوقفه شرطي المرور وأراد أن يسجل له مخالفة، وأخرج بطاقة والٍ وقدمها للشرطي. وذهب في سبيله.. قمة اللا مسؤولية من الشرطي والوالي السابق.. المخالف مخالف مهما كان والياً سابقاً أو على رأس عمله.
> حادثة ثالثة:
عمل أحدهم رئيس محكمة شعبية أيام نميري أيضاً قبل عشرات السنين، ومازال يخرج بطاقة المحكمة الشعبية ويقول: «قاضي» ويتركه «الجابي» أو الحاجب احتراماً لهيبة القضاء ولا ينظر لتاريخ البطاقة.
> حادثة رابعة:
كلما سُئل في استقبال أو في نقطة تفتيش قال: معاك مقدم ركن فلان.. ويتركونه دون أن يُسال عن بطاقة أو إثبات شخصية. ويساعده في ذلك وسامة وحسن هندام وقوة صوت.
هذه الأمثلة تدل على خلل ما في تركيبتنا الاجتماعية وفي قوانيننا التي تحكم المناصب وتوصيفها. مثلاً الذي يُعفى من منصبه يمنع الحياء السوداني أن يُسأل عن أشياء كثيرة كانت تخص المنصب ويجب أن تنتهي بنهايته، أولها في رأيي البطاقة والملابس العسكرية.. وهي من أوائل عُهد التسليم.
إذا تركنا البطاقات مع كل من تبدل منصبه ومع هذه الوفرة في المناصب السياسية، سنجد جل الشعب السوداني بعد سنوات يحمل بطاقات دستورية إلا «حبوبة التاية»، وستظل الوحيدة التي تدفع عند النقاط وتمنع وحدها من الدخول لمرافق الدولة المختلفة، والوحيدة التي تحرر لها المخالفات المرورية.
وتيسيراً للحياة يجب أن نتقدم قليلاً شعباً وحكومةً.. مثلاً بوصفنا شعباً المطلوب منا التحلي بالحضارية، وأن نحمل بطاقات متى ما طُلب منا إخراجها لا نستنكف.. فمن أكبر منصب إلى أقل منصب يجب أن يحمل شاغره ما يثبت من هو؟ ويخرجه لكل من يطلبه، ويجب على طالب البطاقة ألا يتنازل عن هذا الحق، ويجب عليه أن يدقق في الصورة وسريان البطاقة وكأنه موظف جوازات في مطار.. هل يسافر من جوازه منتهٍ؟ وهل يجامله ضابط الجوازات؟«هذه كتابة من لم يسافر عن طريق صالة (VIP).. بالمناسبة الجماعة ديل بطلعوا جوازات ويجددوا ويقفوا صف زينا؟!».
عند تبدل المنصب يكون المبدّل حضارياً ويجمع البطاقة الأولى لأنه ضمن بديلها، ولكن عندما يكون الأمر أمر إزاحة يجب أن تكون الجهة المزيحة شجاعة وتطلب كل العهدة وعلى رأسها البطاقة والزي الرسمي.
أيها الناس كباراً وصغاراً تحلوا بشيء من المسؤولية واحملوا ما يثبت حاضركم لا ماضيكم، واجمعوا البطاقات المنتهية أو لا تخرجوها.. وضعوها في أرشيف الذكريات والبوم الصور القديمة.
والتغيير الأكبر على الأبواب، على طريقة السينما أيام زمان قريباً على هذه الشاشة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق