الخميس، 25 مارس 2010

هــذه الأرض... لِمنْ؟

مدخل : صديقان قادمان وبدا لهما من بعيد مصنع سيراميك دار بينهما النقاش الآتي:- الأول:(وكان قد مر بالطريق من قبل) بالله شايف المصنع داك؟ الثاني : نعم مصنع سيراميك. الأول: لماذا يعطى كل مساحة الأرض هذه؟ الثاني: يا أخي خليه يشيلها دي أرض من فيضان نوح؛ لم تُستغل ما (بارك الله فيه) عمل فيها مصنع. الأول: يا أخي إنت ما شُفت المساحة المحجوزة والمساحة التي قام فيها المصنع. الثاني : ما حصل. (بعد قليل يصلان المصنع ويرى الثاني شاسع المساحة المسورة لصالح المصنع، وما شيّد عليه المصنع من أرض؛ عندها فتح الثاني عينيه كبيرتين ولم يصدق ما رأى). الثاني: كل هذه المساحة لمصنع السيراميك؟ الأول: خلاص شفت بي عينك؟ بُكرة يبيعها مدينة سكنية. هذا ما دار بين الصديقين الذين استغربا كبر المساحة المسورة لمصنع سيراميك. قطعاً للتنفيذيين مبرّراتهم كجذب الاستثمار الأجنبي، ولهم من المبررات ما لم يخطر على بال الصديقين، وهناك مختصون، ومهنيون يعرفون كثيراً في هذه الجوانب. لكن يظل السؤال أليس هناك معشار من صحة في الحوار أعلاه؟ وهل قوانين الاستثمار متنبهة للمستقبل، ومدركة لمتطلباته تماماً؟، وحافظة لحق الأجيال القادمة؟، وهل يظن مشرِّعونا أننا سنظل فقراء إلى يوم يبعثون، وفرطوا في الأرض جذباً للاستثمار الأجنبي. ولماذا الهرولة إلى الأجنبي إلى هذا الحد- وعدد ليس بالقليل من رؤوس أموالنا مستثمر خارج البلاد- ونفر منا هرب ليستثمر في الجارة إثيوبيا. أيهما أسهل (حلحلة) المشكلات الاقتصادية الداخلية، أم الجري وراء الاستثمار الأجنبي. وهل العقود المبرمة مدركة لكل المستقبل، ومآلاته، أم عماها الفقر، وأرادت صناعةً؛ بأي شرط. لا شك أن مصنع السيراميك إضافة للصناعة السودانية. وكان رائداً، وفاتحاً لهذا المجال. وحفز آخرين لولوج هذا المجال، ونحسبه رأس مال أخوي، وليس أجنبياً. كل هذا لا يمنع أن نقول أن هذه المساحة تحتاج إلى مبررات؛ نتمنى أن نعرفها. ويكون جميلاً أن نعرف أثر هذه الصناعات على البيئة، وأين توضع مخلفاتها؟. كل هذا يحتاج إلى إجابات. غير أن الآثار الجانبية للسيراميك في العموم- أن هذه الثقافة الجديدة لم تصاحبها؛ وصفات؛ ماذا نلبس من أحذية حتى لا يرمينا السيراميك؟(والذي صار بعضهم يسميه سيرميك). أكون سعيداً لو تعرض باحث في المجال الطبي، ورصد لنا حالات كسور العظام بسبب الأرضيات الملساء، وقارنها بعدد، وأنواع كسور العظام قبل دخول هذه الثقافة. وسينال عليه أجرين واحد في الدنيا شهادة أكاديمية، والآخر في الآخرة بإذن الله. هنيئاً لمصنع السيراميك بهذه المساحة. ويظل السؤال أعلاه.

صحيفة التيار الخميس 25/3/2010 م

ليست هناك تعليقات: