الأربعاء، 8 أبريل 2015

ليتني ميشيل قطران

ليتني ميشيل قطران  
01-04-2015
حماية المواطن من حقه على الدولة
في 2/5/1957 ميشيل قطران وهو في طريقه لحفل بالسفارة العراقية وقع في حفرة تصريف تركتها بلدية الخرطوم بلا غطاء، وبلا إشارات إرشادية وقع فيها وانكسرت رجله وسببت له عاهة العرج الدائم. رفع دعوى على بلدية الخرطوم وصدر الحكم في 28/7/1958م وقضى بتعويضه مبلغاً قدره 7332جنيها. (تخيلوا هذا المبلغ سنة1958).
لم يكن ذلك في عهد الاستعمار لنقول إن هذا عادة غربية ولكنه كان في عهد ديمقراطي أي وقعت الواقعة أعلاه في الديمقراطية الأولى قبيل ثورة نوفمبر أو انقلاب نوفمبر أو حكومة عبود أو أول حكومة عسكرية أو تسليم نوفمبر 1958 م اختر من التعريفات ما يروق لك. وقع ذلك في الديمقراطية الأولى. ولكنها سابقة قضائية تقدر المواطن وحقه على الدولة.
(سانحدر) بكم سريعاً إلى 2015 وشهر مارس ويوم الثلاثين منه وعصراً. قبله بيومين طار حجرُ أو طُير حجر من على الطريق ليصطدم بزجاج سيارتي الأمامي ويحدث فيه أثراً قطره 5 سم تقريباً لم يكن الأثر مما يحجب رؤية ولا يعيق سياقةً. سرت به يومين ولم أشعر له بأثر في اليوم المؤرخ له أعلاه استوقفني الشرطي وقال عليك مخالفة، ما مخالفتي؟، زجاجك مكسور (طبعاً تعريف الكسر يحتاج بحثاً) قادني للضابط الشاب والذي حرر مخالفة بسرعة دون أن يمهلني، والحقها بادفع 50 جنيهاً، قلت له أدفعها إن أم يدفعها الحجر؟، وقال ساخراً: اتقاسموها إنت والحجر. دفعت لأنه كان شاباً برتبة الملازم أول، يعني عمره بين 20 وإلى 30 سنة، وهذه عمر شباب تسكره السلطة. دفعت الخمسين جنيهاً، وقلت ما ذنبه هكذا طلبوا منه أن يملأ خزينة الدولة بمثل هذا المال من المواطن. الدولة التي لم تكتف برسوم الترخيص والضرائب التي دفعتها مثلاً في هذا الشهر، وفاقت الألف جنيه تحديداً 1024 جنيه. وتجديد رخصة قيادة 416 جنيه كلها في هذا الشهر، وبعد ذلك تطارد المواطن بالغرامات لأن حجراً كسر زجاجه. قلت للضابط كنت أتوقع أن تقول لي كفارة لأني سأشتري زجاجاً دون ذنب مني.
هل نحلم بمقاضاة الهيئة القومية للطرق والجسور لأنها تركت حجارة على الطريق؟، هل تقبل منا هذه الدعوى التي تأتي بعد 58 سنة من واقعة ميشيل قطران؟، هل نترحم على ماضٍ المواطن فيه مكرم ومرفوع الرأس ونعيش في زمن كل من له سلطة يتحكم بها في المواطن ويخرج بها إما مالاً أو كرامة تنزع مواطنته وحب وطنه نزعاً.
هؤلاء الذين يرسلون الحملات لتعمل عمل المحاكم الناجزة لا استئناف ولا مراجعة أمر واجب النفاذ (كسر رقبة). سؤال آخر هل هناك علاقة بين هذه الجهات ومستوردي زجاج السيارات؟، إنهم يهدرون عملات صعبة بحجج واهية أقل شق في الزجاج مخالفة توجب الغرامة وتغيير الزجاج.
اللهم إنا تجاوزنا الستين ولا طريقة لنا من الهروب من هذا البلد الذي أحببناه من صغرنا اللهم ارفع عنا الضيق والتضييق.

ليست هناك تعليقات: