الأربعاء، 17 أبريل 2013

مكاوي سكة حديد

  الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013

مَن مِنْ الناس لم يفرح بخبر قطار حلفا الذي سار بعد توقف «13» سنة؟ وفرحتُ به رغم قلة علاقتي بالقطارات وقلة رحلاتي بها حيث كان نصيبي منها بعض أسفار قصيرة يوم كنا أطفالاً فيما بين سندة ود لميد، والسندة أقل من المحطة وهذه تعابير يعرفها ذلك الجيل، سندة ود لميد هي أقرب نقطة على السكة الحديد لقريتنا « الشيء دي تبقى مدينة متين؟ وما هو تعريف المدينة؟ دعوني أجيب عن هذا السؤال قبل أن أواصل. تعريف المدينة حسب قانون الحكم المحلي هي التي سكانها «30» ألف نسمة. ولكن، مرة تانية معليش» كان هناك، يوم كنا أطفالاً، قطار يسمونه المحلي مخصص لنقل الركاب بين الخرطوم ومدني، ليته يعود، ولا مواصلات في ذلك العهد إلا المحلي والعظمة. والعظمة هذه بصات كان يطلق عليها رسمياً البص السريع، وشعبياً العظمة، تحولت بعد تأميم الشيوعيين الأليم إلى الشركة الوطنية للنقل. وأطول رحلة لي بالقطار كانت رحلة جامعية رصدت لها جامعة الخرطوم مبلغ «50» جنيهاً لطلاب جمعية الفيزياء بكلية التربية، كان ذلك في منتصف السبعينات. أكرمتنا السكة الحديد بعربتي ركاب لا أذكر درجتها، تحركنا من الخرطوم إلى سنار إلى القضارف ثم إلى كسلا وبورتسودان، وعدنا بالاتجاه الآخر هيا عطبرة والخرطوم. مدن التوقف  كسلا بورتسودان عطبرة رحلة مازال طعهما في حلقي، هل ستكون لذلك مضاعفات على مرض السكر؟؟
هذا كل نصيبي من رحلات القطار، وبرضو فرحت بعودته ما بالك بمن لا يعرفون السفر إلا به من أهل الشمال الذين دونوا ذلك بأشعارهم وأغانيهم «يا سايق القطار قوم بينا لي بت الشمال ودينا». أما اهل الغرب فقد انتدبوا سفيرهم وشاعرهم محمد المكي إبراهيم الذي حفر قصيدته «قطار الغرب» في وجدان الشعب السوداني، وأول من نبه للتباين بين الخرطوم وباقي السودان.
ونعود بعد هذه المقدمة الطويلة والتي نتمنى ألا تكون مملة.
السكة الحديد التي شعار أهلها «لا بديل للسكة حديد إلا السكة حديد» مرفق مهم وبنية تنمية لا تخطئها عين، انتدبت لها الدولة بعد وهادها الطويل المهندس مكاوي محمد عوض الذي وضع بصماته على الكهرباء يوم كان مديرها وما أخرجه منها إلا.. . ليست لي علاقة خاصة مع مهندس مكاوي، ولكن المرات القليلة التي لقيته فيها في مسائل عامة يوم كانت الكهرباء ذي الزفت وكلها مشكلات وكانت العقوبات جماعية وردود الأفعال عنيفة وفي هذا الجو كان مكاوي رجلاً حازماً لا يعرف لين القول ولا الدغمسة ويصر على رأيه وكثيراً ما كان رأيه مخالفاً لرغباتنا، ويصر وننتصر عليه مرة وينتصر علينا مرات.
مكاوي رجل عملي وهذا ما ينقصنا لا يعرف اللف والدوران كعادة أهله في الشمال القصي «ركز معاي على القصي دي من فضلكم ولو عندي مسافات لحددت كيلومترات من أين يبدأ القصي». عموماً لم يخيب الرجل ظننا فيه يوم نُقل من الكهرباء إلى السكة الحديد، وبإذن الله السكة الحديد ستعود بضائع وركاباً على يد مكاوي ورجاله. وقريباً سيصبح الحجز على رحلات القطارات بالانترنت وتحدد درجتك ومقعدك من البيت وتأتي للمحطة ومعك كود الرحلة، كل ذلك سيحدث بإذن الله على يد مكاوي ورجاله، ولن يطقطق الكمساري ولن يحمل مقصاً ليقص التذكرة، ولن يكون على سطوح العربات فارون من الدفع.
أعانك الله يا باشمهندس ولا نملك إلا أن ندعو لك .

ليست هناك تعليقات: