الأربعاء, 06 شباط/فبراير 2013
ليس
بالضرورة أن يكون الكنز في باطن الأرض. كنوز كثيرة خارج الأرض ولم يلتفت
إليها كثيرون. كنز اليوم هو ذلك المغفور له بإذن الله العَالِم محجوب عبيد
طه رغم ندرة تخصصه والذي لا يفهمه إلا المتخصصون إلا أن الرجل كبير ويحتاج
من يبسطه للعامة «وأنا من هذه العامة في هذا المقام». تم ترشيحه مديرًا
لمنظمة الطاقة الذرية العربية، منصب يحبو إليه الرجال حبوًا ليستمتعوا
بامتيازاته ولكن اقروا معي كيف رفضه الرجل ولماذا؟ كل جملة في خطابه أدناه
يمكن أن تفكفك في موضوع كبير تُعقد له الندوات والورش. اللهم ارحمه رحمة
واسعة وأدخلنا وأدخله الجنة بغير حساب. سؤال: من المسؤول عن نسيان هذا
العالم؟
إلى خطاب العالم محجوب عبيد:
نص استقالة عالم الفيزياء والرياضيات الراحل البروفيسور محجوب عبيد طه «1937 ــ 2000م» عن ترشيحه لمنصب «مدير المنظمة الإسلامية للطاقة الذرية»: «في البداية يلزمني أن أشكر من أحسنوا بي الظن فرشحوني أو أيدوا ترشيحي لهذا المنصب. غير أني أتساءل: كيف انعقد الرأي على اختياري؟ سبب التساؤل هو تغليبي الظن أن اتفاق الدول العربية على الشخصية التي تشغل مثل هذا المنصب كثيراً ما يكون لأسباب بعيدة عن كفاءة المرشح أو حسن الظن به. ولعل الاعتبارات هنا تشمل أن يكون المرشح «متفهماً» للأوضاع، ميالاً لإرجاء القرارات «حتى تتضح الرؤية»، مقتدراً على صياغة المحاضر بحيث تتفق مع كل المواقف، حكيماً في معالجة الخلافات والتصدي للمشكلات بحيث يكون براء اللافعل هو عين «ما يقتضيه الموقف الراهن». وإنني إذا قبلت المنصب فسأفترض أنني مستوفٍ لمثل هذه الشروط وأجتهد ما وسعني الاجتهاد حتى أظل عند «حسن ظن» الجميع. ولعل أهم المشكلات أمامي ثلاث: نوع نشاط المؤسسة ومقرها وتمويلها. المشكلة الأولى أمرها سهل وهي محسومة؛ مجال عملنا التعمير وليس التدمير. ورغم أننا لن نؤدي بذلك حق الآية: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة»، ورغم أن جيراننا من الأعداء قد أعدوا لنا من قوة التدمير النووي ما أعدوا، إلا أننا قليلو حيلة في المجال النووي، وأكثر ما يلزمنا من الخبرة هو خارج الحدود العربية والإسلامية؛ لذا فقد لزمنا أن نتقيد بشروط المجتمع الدولي، ونحصّل ونطبق في مجال التعمير النووي ما وسعنا التحصيل والتطبيق. والحق أن جل ما نحصله من المعرفة والخبرة في المجالات النووية السلمية يكون صالحاً ومفيداً خارج النطاق السلمي ويمكن الاستفادة منه متى قويت الشوكة وتغيرت الأحوال. أما مشكلة المقر فأنا بريء منها وأتركها لمداولات الجامعة العربية؛ وذلك أن المقر، بما فيه من مختبرات ومفاعلات وتقنيات مساعدة، مشروع ضخم وله ذيول أمنية واعتبارات سيادية وتبعات اقتصادية. وهذه كلها أمور لا أرغب في الخوض فيها، ولا يسمح لي منصبي بإبداء أي رأي حولها، وأغلب الظن أنني سأظل طوال فترة شغلي المنصب قابعاً في جناح وثير في «هيلتون القاهرة» في انتظار ما تتمخض عنه الاجتماعات والمداولات والتشاورات فيما يخص اختيار الموقع. وقد يعني هذا أنني لن أواجه مشكلة التمويل أبداً؛ وهي المشكلة الحقيقية أمام العمل الجاد لتأسيس المؤسسة. وأنا إذ أتساءل: متى وصلنا في تاريخ العمل العربي المشترك إلى لب أية مشكلة حقيقية تواجهنا؟ أجد نفسي في مأمن من الوصول إلى قضية التمويل. ألم أقل لكم إنني حقاً الرجل المناسب في المنصب المناسب؟! غير أن هاجساً في دخيلة نفسي يدفعني لتساؤل آخر: »إن أعفاني واقع الحال من تحمل أعباء منصبي ومسؤوليته، فكيف تعفيني أحلامي ورؤى الخيال الجميل من تصور البديل؟ في خيالي صورة لواقع غير واقعنا الراهن.. واقع فيه جد وعزيمة.. وحكمة وشكيمة، لا يعرف الاختلاف حول الحق وصراطه المستقيم ولا يساوم على التزام المحجة البيضاء ومقتضيات التمسك بدعاماتها. أحلم بواقع تمتد فيه رقعة دار الإسلام من الشرق الأقصى إلى المغرب الإفريقي، ترفرف عليها راية التوحيد وتعلن على الملأ عزة الإيمان وترفض أن تلتزم لأحد بما لم يلزمها به كتاب الله وسنة نبيه، تجهر بالحق وبالعدل، ولا تعرف الظلم ولا الدمار، فكل سلطانها وقوتها للعدل وللعمار. في هذا التصور الزاهي الجميل إعداد الرجال بوتقة تصهر المعادن وتجلو النفوس من الصغائر، فلا سعي للمناصب ولا تنافس حول المواقع ولا عراك حول مصادر التمويل. في هذا التصور البديل عن الواقع الراهن الحزين، تذوب مثل هذه المشكلات التي ذكرت وتبقى قضايا الإيمان والتوحيد وتطهير الأرض من الظلم والفساد بمواجهة الأعداء كافة كما يواجهوننا كافة. ولكن في الحلق غصة؛ في هذا التصور الرائع الجميل، لن أكون مؤهلاً لتولي منصب مدير مؤسسة الطاقة الذرية الإسلامية ولو لمدة أسبوع!
إلى خطاب العالم محجوب عبيد:
نص استقالة عالم الفيزياء والرياضيات الراحل البروفيسور محجوب عبيد طه «1937 ــ 2000م» عن ترشيحه لمنصب «مدير المنظمة الإسلامية للطاقة الذرية»: «في البداية يلزمني أن أشكر من أحسنوا بي الظن فرشحوني أو أيدوا ترشيحي لهذا المنصب. غير أني أتساءل: كيف انعقد الرأي على اختياري؟ سبب التساؤل هو تغليبي الظن أن اتفاق الدول العربية على الشخصية التي تشغل مثل هذا المنصب كثيراً ما يكون لأسباب بعيدة عن كفاءة المرشح أو حسن الظن به. ولعل الاعتبارات هنا تشمل أن يكون المرشح «متفهماً» للأوضاع، ميالاً لإرجاء القرارات «حتى تتضح الرؤية»، مقتدراً على صياغة المحاضر بحيث تتفق مع كل المواقف، حكيماً في معالجة الخلافات والتصدي للمشكلات بحيث يكون براء اللافعل هو عين «ما يقتضيه الموقف الراهن». وإنني إذا قبلت المنصب فسأفترض أنني مستوفٍ لمثل هذه الشروط وأجتهد ما وسعني الاجتهاد حتى أظل عند «حسن ظن» الجميع. ولعل أهم المشكلات أمامي ثلاث: نوع نشاط المؤسسة ومقرها وتمويلها. المشكلة الأولى أمرها سهل وهي محسومة؛ مجال عملنا التعمير وليس التدمير. ورغم أننا لن نؤدي بذلك حق الآية: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة»، ورغم أن جيراننا من الأعداء قد أعدوا لنا من قوة التدمير النووي ما أعدوا، إلا أننا قليلو حيلة في المجال النووي، وأكثر ما يلزمنا من الخبرة هو خارج الحدود العربية والإسلامية؛ لذا فقد لزمنا أن نتقيد بشروط المجتمع الدولي، ونحصّل ونطبق في مجال التعمير النووي ما وسعنا التحصيل والتطبيق. والحق أن جل ما نحصله من المعرفة والخبرة في المجالات النووية السلمية يكون صالحاً ومفيداً خارج النطاق السلمي ويمكن الاستفادة منه متى قويت الشوكة وتغيرت الأحوال. أما مشكلة المقر فأنا بريء منها وأتركها لمداولات الجامعة العربية؛ وذلك أن المقر، بما فيه من مختبرات ومفاعلات وتقنيات مساعدة، مشروع ضخم وله ذيول أمنية واعتبارات سيادية وتبعات اقتصادية. وهذه كلها أمور لا أرغب في الخوض فيها، ولا يسمح لي منصبي بإبداء أي رأي حولها، وأغلب الظن أنني سأظل طوال فترة شغلي المنصب قابعاً في جناح وثير في «هيلتون القاهرة» في انتظار ما تتمخض عنه الاجتماعات والمداولات والتشاورات فيما يخص اختيار الموقع. وقد يعني هذا أنني لن أواجه مشكلة التمويل أبداً؛ وهي المشكلة الحقيقية أمام العمل الجاد لتأسيس المؤسسة. وأنا إذ أتساءل: متى وصلنا في تاريخ العمل العربي المشترك إلى لب أية مشكلة حقيقية تواجهنا؟ أجد نفسي في مأمن من الوصول إلى قضية التمويل. ألم أقل لكم إنني حقاً الرجل المناسب في المنصب المناسب؟! غير أن هاجساً في دخيلة نفسي يدفعني لتساؤل آخر: »إن أعفاني واقع الحال من تحمل أعباء منصبي ومسؤوليته، فكيف تعفيني أحلامي ورؤى الخيال الجميل من تصور البديل؟ في خيالي صورة لواقع غير واقعنا الراهن.. واقع فيه جد وعزيمة.. وحكمة وشكيمة، لا يعرف الاختلاف حول الحق وصراطه المستقيم ولا يساوم على التزام المحجة البيضاء ومقتضيات التمسك بدعاماتها. أحلم بواقع تمتد فيه رقعة دار الإسلام من الشرق الأقصى إلى المغرب الإفريقي، ترفرف عليها راية التوحيد وتعلن على الملأ عزة الإيمان وترفض أن تلتزم لأحد بما لم يلزمها به كتاب الله وسنة نبيه، تجهر بالحق وبالعدل، ولا تعرف الظلم ولا الدمار، فكل سلطانها وقوتها للعدل وللعمار. في هذا التصور الزاهي الجميل إعداد الرجال بوتقة تصهر المعادن وتجلو النفوس من الصغائر، فلا سعي للمناصب ولا تنافس حول المواقع ولا عراك حول مصادر التمويل. في هذا التصور البديل عن الواقع الراهن الحزين، تذوب مثل هذه المشكلات التي ذكرت وتبقى قضايا الإيمان والتوحيد وتطهير الأرض من الظلم والفساد بمواجهة الأعداء كافة كما يواجهوننا كافة. ولكن في الحلق غصة؛ في هذا التصور الرائع الجميل، لن أكون مؤهلاً لتولي منصب مدير مؤسسة الطاقة الذرية الإسلامية ولو لمدة أسبوع!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق