السبت, 29 كانون1/ديسمبر 2012
أول مرة أشاهد فيها هذا الجهاز «التلفزيون» كان ذلك في ستينيات القرن الماضي بنادي الجريف غرب حيث كنت برفقة والدي رحمه الله في زيارة لصديقه عمنا سليمان إدريس رحمه الله، وأخذني عمر سليمان مع إخوته إلى النادي حيث كان هذا الجهاز موضوعاً على منصة عالية والناس يشاهدون ويسمعون ونحن في الريف نسمع الراديو فقط، لا أذكر ماذا رأيت ذلك اليوم، لكن صورة الجهاز والناس أمامه مازالت مطبوعة في ذهني.
علمنا في ما بعد أن الحكومة وزعت عددًا من هذه الأجهزة للأندية والساحات العامة كنشر للثقافة أو لأن ثمنها في ذلك فوق طاقة كثير من الناس. وظل التلفزيون يبث للعاصمة فقط قرابة العشر سنوات ولم يخرج منها الا في عهد مايو وكان أول خروج له للجزيرة في رحلة شاقة عبر محطات المايكروويف ذات الأبراج العالية. ويوم بث من الجزيرة كان افتتاحه مدوِّيًا وخطاب عمر الحاج موسى كان مشهورًا في ذلك اليوم.
أول جهاز تلفزيون يدخل قريتنا اللعوتة كان في نادي القرية وبمعاونة من الخدمات الاجتماعية لمشروع الجزيرة التي دفعت نصف القيمة ودفعنا كلجنة نادٍ النصف الآخر «75» جنيهًا، كان جهازاً خشبياً ضخماً موبيليا. واشترينا له مولد كهرباء إذ لم يكن في القرية كهرباء يومها وكان الدخول إليه بتذاكر قرش أو قرشين تقريبًا. ولقد غير هذا الجهاز العجيب ليل القرية ويبدو أن له آثارًا إيجابية تستحق الدراسة «يلا يا شباب الجامعات واحد بحث عن أثر ذلك التلفزيون في حياة مواطن الجزيرة اللعوتة مثالاً».
مازال التلفزيون أبيض واسود. بعد دخولنا الجامعة في بداية السبعينيات كان في نادي كلية التربية «ما تقول لي يا تو كلية تربية؟ ما هي واحدة في ذلك الزمن» كان هناك جهاز وحيد موضوع على منصة يقضي معظم الطلاب ليلهم أمامه ومنهم من لا يتحرك من أمام الشاشة الا بعد نهاية الإرسال. حضور سهرات الاثنين لمتوكل كمال- رحمه الله - كان كبيرًا جداً وصور شعبية الطيب محمد الطيب رحمه الله ايضًا من الذي حفر في الذاكرة غير أن مسلسلاً أجنبياً اسمه «بيتون بليس» كان طويلاً واستمر لسنوات وأيضًا له زبائن. وكان هناك معلقون مشهورون من المشاهدين ينتظر الكثيرون قفشاتهم وتعليقاتهم. «يا ربي هل كنت أنا واحداً منهم؟»
غير أن سهرتين لا أنساهما سهرة بمناسبة مرور عشر سنوات على التلفزيون كان الضيف فيها اللواء محمد طلعت فريد مؤسس التلفزيون وشارك فيها أحمد المصطفى بالغناء رحمهما الله جميعاً.. كان فيها طلعت فريد كالحجر لم يهتز ولم يحرك الا قلماً كان بيده. أما عساكر بجد مش...
السهرة الثانية كان فيها الضيف مسؤولاً حكوميًا كبيرًا وجاء مخموراً تمامًا وهي حية وعلى الهواء أذكر أنني اتصلت بالتلفزيون من الهاتف الذي كان موجوداً وبالمجان لخدمة الطلاب وقلت لهم ما هذا السخف وخرجت زعلان مما رأيت وأبلغوني أن من جاء بعده كان طينة وكانت سهرة مسخرة بعدها خرج علينا نميري بالقيادة الرشيدة.
ليس من الذوق أن تقف ذكرياتنا مع هذه السهرة الأليمة. ولا بد من الإشادة بالتلفزيون كمورد ثقافي له كبير الأثر على الحياة السودانية على مر العصور. ثم لا يوجد شيء كله حسن بنسبة 100%. «ذاكر سعيد في واحدة من كوميدياه يسأل اتو بنات التلفزيون ديل كلهن صفر مثل المنقا في شهر 3 ليه البلد دي ما فيها بنات خدر» نقد رائع في جملة واحدة مطلوب دراسة.
ولكن التلفزيون هو المعلم الأول مع أخته الإذاعة ووزارة التربية والتعليم والمجتمع كل ذلك ينصهر ليصب في المسجد أو هو المفروض.
علمنا في ما بعد أن الحكومة وزعت عددًا من هذه الأجهزة للأندية والساحات العامة كنشر للثقافة أو لأن ثمنها في ذلك فوق طاقة كثير من الناس. وظل التلفزيون يبث للعاصمة فقط قرابة العشر سنوات ولم يخرج منها الا في عهد مايو وكان أول خروج له للجزيرة في رحلة شاقة عبر محطات المايكروويف ذات الأبراج العالية. ويوم بث من الجزيرة كان افتتاحه مدوِّيًا وخطاب عمر الحاج موسى كان مشهورًا في ذلك اليوم.
أول جهاز تلفزيون يدخل قريتنا اللعوتة كان في نادي القرية وبمعاونة من الخدمات الاجتماعية لمشروع الجزيرة التي دفعت نصف القيمة ودفعنا كلجنة نادٍ النصف الآخر «75» جنيهًا، كان جهازاً خشبياً ضخماً موبيليا. واشترينا له مولد كهرباء إذ لم يكن في القرية كهرباء يومها وكان الدخول إليه بتذاكر قرش أو قرشين تقريبًا. ولقد غير هذا الجهاز العجيب ليل القرية ويبدو أن له آثارًا إيجابية تستحق الدراسة «يلا يا شباب الجامعات واحد بحث عن أثر ذلك التلفزيون في حياة مواطن الجزيرة اللعوتة مثالاً».
مازال التلفزيون أبيض واسود. بعد دخولنا الجامعة في بداية السبعينيات كان في نادي كلية التربية «ما تقول لي يا تو كلية تربية؟ ما هي واحدة في ذلك الزمن» كان هناك جهاز وحيد موضوع على منصة يقضي معظم الطلاب ليلهم أمامه ومنهم من لا يتحرك من أمام الشاشة الا بعد نهاية الإرسال. حضور سهرات الاثنين لمتوكل كمال- رحمه الله - كان كبيرًا جداً وصور شعبية الطيب محمد الطيب رحمه الله ايضًا من الذي حفر في الذاكرة غير أن مسلسلاً أجنبياً اسمه «بيتون بليس» كان طويلاً واستمر لسنوات وأيضًا له زبائن. وكان هناك معلقون مشهورون من المشاهدين ينتظر الكثيرون قفشاتهم وتعليقاتهم. «يا ربي هل كنت أنا واحداً منهم؟»
غير أن سهرتين لا أنساهما سهرة بمناسبة مرور عشر سنوات على التلفزيون كان الضيف فيها اللواء محمد طلعت فريد مؤسس التلفزيون وشارك فيها أحمد المصطفى بالغناء رحمهما الله جميعاً.. كان فيها طلعت فريد كالحجر لم يهتز ولم يحرك الا قلماً كان بيده. أما عساكر بجد مش...
السهرة الثانية كان فيها الضيف مسؤولاً حكوميًا كبيرًا وجاء مخموراً تمامًا وهي حية وعلى الهواء أذكر أنني اتصلت بالتلفزيون من الهاتف الذي كان موجوداً وبالمجان لخدمة الطلاب وقلت لهم ما هذا السخف وخرجت زعلان مما رأيت وأبلغوني أن من جاء بعده كان طينة وكانت سهرة مسخرة بعدها خرج علينا نميري بالقيادة الرشيدة.
ليس من الذوق أن تقف ذكرياتنا مع هذه السهرة الأليمة. ولا بد من الإشادة بالتلفزيون كمورد ثقافي له كبير الأثر على الحياة السودانية على مر العصور. ثم لا يوجد شيء كله حسن بنسبة 100%. «ذاكر سعيد في واحدة من كوميدياه يسأل اتو بنات التلفزيون ديل كلهن صفر مثل المنقا في شهر 3 ليه البلد دي ما فيها بنات خدر» نقد رائع في جملة واحدة مطلوب دراسة.
ولكن التلفزيون هو المعلم الأول مع أخته الإذاعة ووزارة التربية والتعليم والمجتمع كل ذلك ينصهر ليصب في المسجد أو هو المفروض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق