الجمعة، 7 ديسمبر 2012

الحكام العزابة!!


  الأحد, 02 كانون1/ديسمبر 2012 13:00

كتبنا يوم الخميس الماضي عن وزير الصحة الذي لم تعجبه مرافق القطاع العام الصحية وذهب ليتعالج في رويال كير، وقلنا في آخر المقال ليس مدعاة للاستغراب الا أن يكون الوالي حاكم الولاية عازباً في ولايته والعائلة في الخرطوم، قلنا ذلك وكنا نحسب أنها حالة أو حالتين ولكن في نفس الصحيفة وفي ذات الصفحة كان هناك خبر احتراق منزل والي النيل الأبيض بحي الأزهري بالخرطوم ونجاة زوجته وأولاده، ونقول له الحمد لله على السلامة. بعد ذلك انهالت علينا الهواتف إلى أن حسبنا أنه ما من والٍ ووزير ولائي إلا وعائلته بالخرطوم إلا من رحم ربي. (من رحم ربي هؤلاء أعرف منهم محمد طاهر إيلا ومعتصم زاكي الدين).
حدثني حاضر وشاهد عيان على اجتماع بمدينة الفولة، بعد صلاة الفجر في مطلع التسعينيات والشهيد الزبير محمد صالح يرأس اجتماع حكومة الولاية وأول ما سأل عنه: العائلتو في الخرطوم يرفع يده وكانت جل عوائلهم بالخرطوم فوجههم بإحضار عوائلهم فوراً إلى مكان عملهم. يا له من قائد افتقدته البلاد. بالمناسبة يتملكني إحساس بأن هذه البلاد جبارتها فكت بموت الزبير اللهم ارحمه واغفر له.
الحاكم والياً كان أم وزيرًا كيف لا تعيش عائلته مع شعبه؟ وكيف يعرف هذا معاناة واحتياجات الشعب إن لم ينقل له ولده خبر النقص في المدرسة ومعاناة زملائه التلاميذ الذين يحضرون بأسمال بالية من الملابس لم يستطيعوا تجديدها وكيف هو إفطارهم ينقله نقلاً حيًا بإحساس وليس كالتقارير الجامدة هذا إن لم تكن التقارير المفبركة. إذا لم تداخل زوجته النساء وتعرف ما يقلن وفي أي شيء يتحدثن. هذا الوالي أو الوزير العازب في ولايته هو إما متعال على شعبه وبهذا هو ليس جدير بتولي أمرهم أو ليس قادرًا على فرض سلطانه على زوجته وأولاده وهذا أول مؤشرات الضعف.
رب قائل أو متسبب بتعليم الأولاد!! وأولاد الآخرين كيف يتعلمون؟ اتريد لأولادك تعليمًا غير الذي تشرف عليه وانت مسؤول عنه أمام الله؟؟ ورب متعذر بأن الدراسة في الجامعات وسكن الأولاد. كيف وأين يسكن أولاد شعبك الذي تحكمه؟ بناتهم في مأمن عند صندوق رعاية الطلاب والأولاد كذلك وإن لم يجد الأولاد سكنًا مع صندوق رعاية الطلاب عالجوا مشكلاتهم كأول درس عملي في الحياة.
يا ولاة ووزراء السودان العزاب هذا خلل يستوجب العزل. إن لم تقبل بعيش أسرتك في مكان عملك الذي هو حكم له قواعده أولها القدوة الحسنة ومعرفة أحوال الرعية واصلاحها إن لم تقبل بهذا فأنت غير جدير بهذا المنصب. الغريب أن معظمهم ريفيون وأبناء قرى تنكروا لقراهم ومن ثم تنكروا لعواصمهم وما قبلوا إلا بالخرطوم وهذا ما يجعلنا نترحم على الشهيد الزبير إذ، يبدو لي، لم يسأل ذاك السؤال بعده أحد، اللهم أرحمه.
ثم البند الاقتصادي كم تكلف رحلات هؤلاء من ولاياتهم إلى أسرهم في الخرطوم في الشهر تذاكر طيران أو وقود سيارات كم رحلة في الشهر ليست رسمية يقوم بها هؤلاء؟ أقلها أربع رحلات وإلا...
بالله كيف يسكن مسؤول بيتًا تديره أجنبية؟؟ (أجنبية هنا بالتعريف الشرعي) ولكن على ذكر الأجانب إذا كان المستعمر الإنجليزي القادم من بريطانيا قبل ثمانين سنة كان يسكن بعائلته في مكاتب مشروع الجزيرة على تواضعها في ذلك الزمان ما بال هؤلاء يتعالون على عواصمهم!!!!
كتب لي قارئ يقول: نريد وزير النقل ليركب معنا المواصلات ليعرف المعاناة نريد وزير صحة يتطبب في مستشفيات الدولة ليعرف النقص نريد ولد وزير التربية في مدارس الحكومة وهكذا.
ما لم يحدث ذلك فنحن طبقتان طبقة نبلاء جدد وطبقة رعاع. وهذا وقود كل الثورات.

ليست هناك تعليقات: