الأربعاء، 9 فبراير 2022

يختبئ السودان في الخرطوم

 

(يختبئ البستان فى الوردة

والغابة في الشجر

يختبئ الخروج فى الابواب

والعاشق الخائف في الدولاب

في لونها تختبئ الحرباء) محمد المكي إبراهيم

 

كتبت مراراً أن السودان ليس الخرطوم. وعقلية السياسيين وتركيز الخدمات في الخرطوم في كل العصور السابقة هي ما جعل النزوح الى الخرطوم هم كل من يريد ان يُعلم أبناءه او يستشفي او يترفه. قلت كل العهود السياسية السابقة مع التركيز في العقدين الأخيرين نسبة لعوامل اقتصادية كثيرة أثرت في النزوح الى الخرطوم . الاغتراب واستخراج البترول أحدث طفرة اقتصادية لم تجد مخططون عقلاء يضعونها في مكانها الصحيح.  من زراعة الأرضي السودانية الشاسعة ولم تلحقها بصناعات خارج العاصمة لكل إقليم ما يناسب منتجاته. لو فعلوا شيئا من ذلك لما عضضنا أصابع الندم وصار هذا حالنا فقر مدقع وتسول عالمي ووعود خلب بنهضة السودان والمساعدات الخارجية. هل رأيتم دولة غربية او شرقية تدفع لوجه الله بلا أجندة وتفكير في مصالح او تخريب لصالح جهة؟

حتى الآن وفي هذه الظروف التي أعقبت ثورة ديسمبر لم يخرج تفكير الثوار ولا قادتهم ولا جلاديهم بتفكير يعتقهم من ان السودان ليس هو الخرطوم.

حل الازمات مقياسه الخرطوم اذا انتهت صفوف الوقود في الخرطوم كأنها انتهت في كل السودان في حين ان الفرق شاسع بين استخدام المحروقات للإنتاج وللترفه.

اذا ما حصل ضعف في استيراد الغاز خُصص كل انتاج المصفاة لولاية الخرطوم . وترك كل أجزاء السودان تحتطب ليلاً ونهار في إبادة للغابات مبكية ويتبعها بعد سنين التصحر والجفاف والمجاعات والهجرة والنزوح.

الاهتمام بالخرطوم وجعلها هي السودان في كل شيء حتى الموت حادث مروري على طريق الموت الخرطوم/مدني يموت فيه 21 شخص لا يحرك مسؤولاً ولا اعلاماً اما اذا ما مات خرطومي قامت الدنيا ولم تقعد واذا زاد العدد سميت مجزرة وقامت قيامة السياسيين نعم فرق بين موت وموت لكن ليس لهذه الدرجة. حتى الموت في دارفور لم يحرك الخرطوم ولم تنشغل به. الى ان قال الاستاذ مبارك الفاضل قولته الشهيرة: حتى الموت فيه خيار وفقوس.

ليس ذلك فحسب حتى العاصمة صار هناك تمييز بين احيائها خيار وفقوس وسط الخرطوم والبراري وأول ام درمان وجزء من بحري هي ما يشغل الناس ويحسبون حسابه وتركوا 90 % من احياء الخرطوم  بلا ذكر.

الى الساسة والاعلام الحكومي والخاص السودان ليس الخرطوم ولا يمكن ان تعالج مشاكل السودان بمعزل عن حساب ما هو خارج الخرطوم. رغم ان الخرطوم ما عادت تحسد على شيء لو لا العادة والتعود كثير من الأقاليم الآن أفضل من الخرطوم على الأقل أمنياً.

ايتها الخروم احتشمي واستحي أنتِ لست السودان.

ليست هناك تعليقات: