الأربعاء، 9 فبراير 2022

عبد الكريم يرثي عبد الكريم

  

نعى الناعى إلينا فى أمسية الخميس الحزينة ٢٠٢١/١٢/٩ انتقال حبيبنا واستاذنا وصديقنا عبدالكريم  عبدالعزيز الكابلى من الدار الفانيه الى الدار الرحيبه  ،  له الرحمه والمغفرة الواسعه ولاسرته ولأهله وذويه ومعارفه واصدقاءه ومعجبيه وكل اهل السودان حكومة وشعباً حسن العزاء والصبر والسلوان  .

تعرفت على الاستاذ  الكابلى عبر  نشيد  التعاون فى السبعينات وانا بالمرحلة الابتدائية بمدرسة الشمباتة شمال شرق سنار  ،  وأثناء  مرسالى  لدكان عمنا عبدالله ود الزين(رحمة الله عليه ) كنت غالباً  مااستمع  لنشيد  التعاون منبعثاً من  مذياع الدكان

لن يصيب المجد كف واحد

                       نبلغ  المجد إذا  ضمت كفوف

وقتها لم اعمل الفكر  فى معانى تلك الكلمات  ولكن  هذا  اللحن يطربنى ويتملك وجدانى واحاسيسى  ،  ولما تدرجنا فى المراحل الدراسية وصرت اكبر  سناً وأكثر  ادراكاً عرفت  ان صاحب  هذا الصوت الجميل واللحن الموشى الاستاذ عبدالكريم  الكابلي  ، ومن  حينها ظللت اتابع  اغنياته فى الإذاعة  والتلفزيون  ولاحقاً  محاضراته فى اى مكان في الخرطوم  مهما كان  ظرفى ،  واخر  ماحضرت  له كانت محاضرة عن التراث الشعبى فى دار النشر جامعة الخرطوم  .

الاستاذ  الكابلى يهتم  بالقيم  السامية  فى الناس بدرجاتها  المتفاوتة ويسعى ويسعد بالاحتفاء  والاحتفال بها وتكريمها وهو فى سانحات كثيرة أعمق  وأسمى منها  هو  نفسه  ،  وكلما  قابلته وتجاذبت معه اطراف الحديث لاتبرح لسانه(كتر خيرك )  يقولها ومذاق صوته العذب والملئ بالمحنة والطيبة  (تحنان وطيبة ناس  زمان     ***

                       شالو  السماحه   وشيلو  )

رجل انيق فى حديثه.  انيق ساحر  في ملابسه وسمته وعبقرى  فى سهراته واسماره ،  فمن  لم يسمر  مع عبدالكريم الكابلي لم  يذق  للسمر  والمؤانسه طعماً .  صفاء فى الذهن  وسحر فى  اللفظ  وجمال فى الروح  لايقحم الحديث ، ولايشق فى المؤانسه  مجلسه مراجعات  فى  الادب ، يتحدث عن المتنبئ فتود ان تكتب  حديثه  ، ويغنى الجندول فتعجب  لهذا  الفن الثر ،  ويعرج على الشاعر تاج السر الحسن عندما يغنى آسيا وأفريقيا يسرح بك الخيال عندما تراه  منفعلاً   بهذه القصيدة  ومابه  من  معايشه معها وهو يجوب آفاق  الارض فى  اسيا  وافريقيا  والمغرب _ الجزائر  _  الصين   _  باندونق   _  كينيا  _  السودان  عند حلفا   _  مصر   _  دمشق

ويلتقى   بالجيوش  وبالقادة   العظماء  وبالادباء  والشعراء يلتقى  بناصر   وجومو كنياتا وغاندى  وطاغور

استاذنا  الكابلى يأسر  المهج  بصوته  الموشى وطلته  البهيه  لقد حباه  الخالق  العظيم  صوتاً  بديعاً  إذا  تحدث   أو  تغنى  ،  وكما  قال أخى  وصديقى  الموريتانى حمود  ولد سلمان  الذى  يشاركنى  الإعجاب بالأستاذ  الكابلى  (حالم اّسر  ، فى صوته حلاوه وطلاوه ونقاوه   ،  وسحر  يتردد صداه  فى الروح   ،  مطبوع  بالفطرة  على الوزن  والايقاع والكلمة  الجميلة  ،  يتماهى  مع  اللحن  الى منتهى الروح ،  ساحر اسر ،  يعرف اسرار  الموسيقى   ،  متوهج  الروح   ،  صافى  العمق  ،  بعيد الفور   ،  عذب  ،  حلو  ،شجى ،  يتردد ويمتد   ،  شجيأً ندياً بهياً  جميلاً  ينادي الروح  ،  جهورياً   ،  شاسعاً   ،  عابراً  اثيرياً   ،  تهفو  له النفس  وترتاح  يتجدد كل حين  ،  ويتوزع  فى  الاثير. ،  ينضدد  النغم  المورد  للنهار  حتى  مع  الليل  المخيم  بالظلام  ...  يهب  الحياة   غناؤه   يهب الفنون  )

الاستاذ  الكابلى  شاعر  مرهف  الحس يتمع  بذائقة ذواقة. للموسيقى والشعر ومذيقة  لهما  ،  بفعل التناغمية  الجميلة والنعم  يصوغ الروح والفن. والسحر  .  وقادر على تأهيل الكلمات  ،  والتعبير  عن  مشاعر  راقية   وحفية  بكل  اشكال والوان  مواطن الجمال   ،  وهو  موسيقار   ،  وملحن   ،  ومطرب  بأصدق  وأعمق  ماتعنى  هذه  الكلمات  من معان  .  والاستاذ الكابلى  إلى ذلك  من   النخبه  المتميزة  من  المثقفين  المسكونين  بحب  الوطن  ،  الناهضين ،  بكل  قدراتهم  وامكاناتهم  للتعريف  به ،  ونشر  ثقافته  لاسيما مااتصل  منهآ  بالفن الغنائي  قديماً  وحديثاً  ،  على  المستوى الإقليمي  والدولى   .  تعينه   فى  ذلك  قدرته  المتمكنة  من  التعبير   البليغ   باللغة العربية  واللغة  الانجليزية  ،  وذائقته  الأدبية  الرفيعة  ،  وموهبته فى  تنمية  علاقة التواصل  الحميم  مع  كل  من  يستمع  إليه  فى الادوار  كافة  ،  مغنياً  ومحاضراً  ومشتركاً  فى  ندوة  أو  فى   محفل  ثقافى ،  وعلى  الرغم  من  قدرته الفائقة على  اعادة  صياغة الالحان  بأسلوب  استحوذ  على  مشاعر  عشاق  فنه  إلا   انه قد درج على  المناداة  المتصلة  بأهمية  الحفاظ  على  الفنون  التراثية  فى صورتها  الأولى  حتى يتعرف  الدارسون  والمهتمون على الاصول  .  ثم  لامانع  بعد  ذلك  من  الاجتهاد   واعادة  الانتاج على النحو   الذى. يتسق  مع  المعطيات الانيه  فى  التذوق  الفنى ،  وفى الالات الموسيقية  ،  وفى  الأجهزة والمعدات التقنيه الحديثه  .

تستمع  الى  الاستاذ  الكابلى  فيطربك  ويشجيك  ويفتح امامك عالماً  مترعاً  بالحسن  ،  غنياً  بالجمال  باعثاً  للسعادة  ،  والكابلى  فى كل ذلك  يحرص  على  التجويد  والاتقان  .

مختاراته  تشبه  الى حد كبير  (حوليات ) الشاعر العربى  الكبير  زهير بن ابى سلمى  ، إذ   هو يقضى  الحول بل  احيان  كثيرة أكثر من الحول  للترنم  ومعايشة  القصيدة  كلمات ومعان وألحان  قبل ان  يبثها  للسامعين  مثال  لذلك اوبريت السلام  للشريف زين العابدين  الهندى .

كان الاستاذ الكابلى فناناً متفرداً  وانساناً نبيلاً بأعظم  وأكمل ماتحمل هذه  الكلمات من معان . إنا لفقدك لمحزونين  ،  ولا نقول إلا ما يرضي الله  جلت قدرته إنا لله وإنا إليه راجعون  .

عبدالكريم عمر هاشم  _  بنك النيلين الرئاسة

 

 

     

ليست هناك تعليقات: