الثلاثاء، 5 مايو 2015

التحية لثورة التعليم العالي

 28-04-2015
في ثمانينيات القرن الماضي زميل عمل في السعودية حدثنا عن التحاق ابنه بتخصص جديد ليس في دولة عربية غير الأردن، هذا التخصص هو هندسة المعدات الطبية. الدافع إليه تقدم الطب وكثرة الأجهزة الطبية المتجددة دائماً مما يتطلب تخصصاً دقيقاً متفرعًا من الهندسة الكهربائية وربما يمزج بينها والهندسة الميكانيكية (هذا من عندي إذ لم أقف على ما يدرسه هؤلاء المهندسون).
قبل يومين تعطل جهاز الموجات الصوتية بمستشفى اللعوتة، طبعاً كثيرون تبادر لأذهانهم سؤال: هو بالله أجهزة الموجات الصوتية وصلت حتى مستشفى اللعوتة؟ نعم وأجهزة أخرى وطاقم كبير من الأطباء والكوادر الصحية وكلهم من أبناء هذه القرية الرائع أهلها يقومون بواجبهم المجتمعي خير قيام. بعد عون متتابع من أهل القرية ووزارة الصحة بولاية الجزيرة ووزارة المالية بولاية الجزيرة والتأمين الصحي.
ليس هذا موضوعنا، الموضوع أن يتعطل جهاز الموجات الصوتية ما الحل؟ بسيطة والحمد لله اليوم جمعة هل يوجد في قرية اللعوتة مهندس معدات طبية، نعم، مهندسان وليس واحداً م. علي أحمد علي، وم. ماريا بشير محمد أحمد، وكلاهما تخرج في جامعة السودان، جاء المهندسان وفكا الجهاز وحددا العطل وفي اليوم التالي كان الجهاز جاهزاً للعمل والحمد لله. هما يعتبران أنهما لم يفعلا إلا الواجب. شكرنا لهم بلا حدود وفخرنا بهم بلا حدود أيضاً ونسأل الله لهما التوفيق.
ولكن لنبعد عن الحالة الخاصة قليلاً ونقف على محاسن ثورة التعليم العالي التي وجدت من النقد ما يهز الجبال بنظرات ضيقة لا ترى إلا من زاوية الكمال، وهو شيء حميد ولكن في كل شيء واقتباساً من الفقهاء ما لا يدرك كله لا يترك جله. أعني إذا لم يكن الكمال في مقومات إنشاء جامعات بمواصفات عالية لا يعني أن نصبر وأن ينتظر الطلاب في الرصيف إلى أن تكون الجامعات كلها بمواصفات جامعة كذا (إذا قلت الخرطوم هل أكون منصفاً؟).
إذ أعنون لهذا المقال (التحية لثورة التعليم العالي) أعني ما أقول وخيرها أكبر من شرها وليستمر التجويد جنباً الى جنب مع التوسع في القبول ولا يمنع أحدهما أحداً تطويراً مستمراً. ومن ثمرات ثورة التعليم الكثيرة أن صار مثل هذا التخصص متوفراً في القرى ولا تشد إليه الرحال وليس حكراً على العواصم وأبناء الأحياء الراقية.
ولابد من تحية جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا هذه الجامعة المفخرة التي أنشأت هذا التخصص منذ 1996 م ولم تقصر جامعة الجزيرة (الخاتية القول) أن تبعتها في هذا التخصص ولو بمسمى آخر في النهاية هناك جامعات تعي دورها تماماً وتسد الثغرات وتحترم الجامعة العجوز الجميلة ومستحيلة العصية على التطوير.
التعليم والتعلم هما الخير كله.
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ).

ليست هناك تعليقات: