الخميس, 27 تشرين1/أكتوير 2011
«والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئًا جميلا» إيليا أبو ماضي
مستشعرين هذه النصيحة من هذا الشاعر وحتى لا نحبط القراء والمراقبين والدارسين في زمان آتٍ بأن كل الذي أمامنا بهذه القتامة وليس هناك ما يستحق الابتسام وكأن الحياة واقفة في سخف السياسيين وكثرة كلامهم وبؤس مخرجاتهم.
لذا دعونا نذهب حيث العلماء لا تشغلهم سفاسف الأمور ويتجاوزون واقع السياسة والسياسيين ويبحرون في دنياواتهم الخاصة غير آبهين بكل ما حولهم من محبطات.
يبدو والله أعلم أن ولاية الجزيرة رزقها الله وزير صحة لم يعرف السياسة ومهنيته تغلب عليه حيث إنه طبيب تملأ عليه كل جوانبه ولم تشغله صفة الوزير الزائلة. قال المصري لزميله: سمعت أنهم ح يعينوك وزير.. رد الآخر يا عمي أنا عايز وظيفة ثابتة.
كتبنا قبل اليوم عن طب الأسرة كأحدث مشروع صحي في السودان ولا يوجد له إلا بدايات متواضعة في ولاية الخرطوم. ولاية الجزيرة وهذا المأمول فيها إذا ما وجدت «الفواتح جمع الفاتح» في شراكة بين جامعة الجزيرة ووزارة الصحة قطعت شوطًا كبيرًا في هذا المجال. والدفعة الأولى التي قوامها 200 طبيب متفرقون في كل أنحاء الولاية في مراكزها الصحية ومستشفياتها الريفية الآن يتواصلون عبر شبكة الإنترنت وعبر برامج خاصة webex الذي يسهل التواصل عبر الفيديو بين كل هؤلاء الأطباء والاختصاصيين والاستشاريين في رئاسة برنامج طب الأسرة بعاصمة الولاية مدني.
عند زيارتنا لمركز طب الأسرة وجدنا البروفسير السنوسي في تواصل مع طلابه الذين هم الأطباء العموميون المنتشرون في الولاية ورأينا بأم أعيننا وسمعنا بآذاننا عددًا من الأطباء يعرضون عليه حالات عبر الانترنت ويقدم لهم المشورة المطلوبة كأن يقول الطبيب العمومي: أمامي حالة حمل في الشهر الثاني ويطيل في سرد أعراضها ويرد عليه اعمل كذا وكذا.. وبعض الحالات تعرض بالفيديو وتكون كأنما هي أمام كبير اختصاصيين وليس طبيبًا عموميًا.. المركز به كوكبة من الشباب كلٌّ في مجاله اتصالات وهندسة كمبيوتر وطب أسرة.
منذ بداية هذا البرنامج في أبريل 2011 م عرضت 841 حالة.. بالله لو حسبنا كيف كانت ستتحرك هذه الحالات من القرى إلى مدينة ود مدني أو الحصاحيصا أو الخرطوم. كم ستكون نفقات السفر؟ ولا يتحرك مريض بدون مرافق أو اثنين وأحيانًا عشرات.. 841 30ج مواصلات وفطور كم سيكون المبلغ 25230 جنيهًا مقابلة الاختصاصيين لو كان في عيادات خاصة لا تقل مقابلة الطبيب عن 50 جنيهًا. 42050 جنيهًا. ترى كم وفر برنامج طب الأسرة على هؤلاء طبعًا ليس في السودان من يحسب قيمة الوقت.
وكيف استفاد الأطباء العموميون وكيف كبروا أمام مرضاهم وكم نالوا من الأجر حسب هذه الآية «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا...» «32» سورة المائدة.
هؤلاء الأطباء المتخصصون في طب الأسرة للأسف لن يمكثوا طويلاً فهم يرفعون شعاراً «من الجزيرة المروية إلى الجزيرة العربية». ولكن الحمد لله جامعاتنا حبلى بعدد 25 ألف طالب يدرسون الطب حسب قول وزير الصحة الذي هو «الوكيل».
لا يسعنا إلا أن نرفع الدعوات للدكتور الفاتح محمد مالك وزير صحة الجزيرة الذي نذر غالي وقته لبرنامج طب الأسرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق