الأربعاء, 12 تشرين1/أكتوير 2011
في فبراير الماضي زار السيد رئيس الجمهورية ولاية شمال كردفان، وكتبتُ حينها تحت عنوان: «في كردفان.. هل سألوك عن الماء؟» وصورت بما قسم الله لي من كلمات معاناة هذا الجزء العزيز من بلادنا. وأزيد اليوم حيث لم يبقَ إلا شمال كردفان وولاية الجزيرة بعيدتين عن عطف المركز.. أقتبس مما كتبت يومها الآتي:« بين يدي دراسة متكاملة أعدتها هيئة جامعة الخرطوم الاستشارية وضعت لسقيا ولاية شمال كردفان من النيل الأبيض وتحديداً من الفششوية لتعمل محطات مياه ومحطات ضخ وشبكة مياه متكاملة تسقي مدن المزروب ،أم روابة، تندلتي، سودري، النهود والأبيض وما بينها من قرى هذا المشروع الذي يخدم 3 ملايين آدمي وأكثر من 15 مليون حيوان. الدراسة كاملة ومتكاملة وكثير من الجهات موافقة على التنفيذ بعدة خيارات. وأكثرها جدية جهات أوربية، وقدّم المجلس الأوربي للتنمية عرضاً بأن يدفع 30% من المشروع، وتكلفة المشروع ليست كبيرة إذا ما قورنت بفائدته، وبالإضافة إلى 30 % المجلس الأوربي فعندي 44 مليون دولار تعتزم ولاية الخرطوم أن تبني بها كبري توتي بحري!!. شمال كردفان أحق بهذا المبلغ والماء قبل الكوبري وقبل أن تسوي لناس الخرطوم الطريق حتى لا يمكثوا أكثر من 10 دقائق في سياراتهم المكيفة بين البيت والمكتب فليتقوا الله، في كردفان يقضي طفل 10 ساعات ليعود بماء غير صالح للإنسان وتنتظره أسرته ومنهم من ترك المدرسة ليقوم بسقيا عائلته وبهائمه» هذا بعض من ذلك الذي كتبت عند زيارة الرئيس.
في الأسبوع الماضي زار السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية شمال كردفان ووقف على «حصاد المياه» جزاه الله خيرًا. غير أن لنا بعضاًَ من رأي في حصاد المياه رغم ما صرف عليه فهو مبني على حصاد مياه الأمطار وهذه مع تطورات المناخ التي نشهدها حالياً، بالمناسبة لم تمطر السماء في بعض من أوساط السودان هذا العام إلا مرتين فقط، وكان هذا يحدث في زمان مضى لا أقول في الأسبوع وإنما في اليوم الواحد. الاعتماد على الأمطار ليس بديلاً لذلك المشروع الذي تحدثنا عنه كثيرًا وهو سقيا ولاية شمال كردفان كلها من النيل الأبيض.
الجديد في الأمر أن شركة صينية أجرت دراساتها على تنفيذ مشروع سقيا ولاية شمال كردفان من النيل الأبيض وكمان بنظام الـ( BOT بناء تشغيل وتحصيل) أي تقوم الشركة بتنفيذ المشروع وتتحصل رأسمالها وفوائدها بعد التشغيل من المستفيد وهو نظام معمول به في كثير من المشاريع محلياً وخارجياً. ورغم خوف البعض من جشع الرأسمالي ولكنه أحياناً أحن من بعض الإدارات الحكومية «وزارة الداخلية مثالاً».
كل أمانينا أن نرى جهد أبناء كردفان الذي يبذل الآن في الحصول على الماء غير النظيف، أن نرى هذا الجهد قد تحول للإنتاج الفعلي زراعة وحيواناً وتعليماً وشعرًا وتعود كردفان أزهى من زمان كانت فيه قبلة السُّيَّاح والتجارة. مَنْ مِن أغنياء الخرطوم وأم درمان لم يكن مشروع الجزيرة أو شمال كردفان من أسباب بحبوحته.
على الحكومة الاتحادية أن تقف مع مشروع سقيا شمال كردفان فهو في رأيي المتواضع أهم من البترول والكباري والفنادق ووووووو. وعلى حكومة شمال كردفان أن لا تلين ولا تقبل عذرًا يقف لحظة في تنفيذ هذا المشروع.
اللهم أرنا الماء في شمال كردفان منساباً وداخلاً لكل بيت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق