الخميس, 18 آب/أغسطس 2011
قبل عدة سنوات أوردت الصحف قصة أحد موظفي ديوان الزكاة الذي غيّر لون سيارته بعدة ملايين تقريباً.. أخذ الموضوع حيزًا كبيرًا من الصحف وصورت الأقلام التي تناولت الموضوع بأنه موضوع فساد كبير وعدم أولويات وكل ذلك لحساسية الزكاة ومصارفها المنصوص عليها شرعاً.
لم أكن من الأقلام التي كتبت في الموضوع ولكن وقفت محايداً لعدم معرفتي بكل جوانبه والذين أوردوه أوردوه بوثائق وفواتير.. بعد سنوات عرفت منْ صاحب العربة التي تم تغيير لونها وأول ما تبادر لذهني المثل السوداني «المجانين كتار لكن شقي الحال يقع في القيد».
ربما كان خطأ إدارياً وربما فخًا نصبه خبثاء للرجل الفاضل الأستاذ علي بديوي وهو الآن مدير ديوان زكاة ولاية الجزيرة وعرفته عن قرب وكلما التقيته رددت في نفسي كيف تحمَّل هذا الرجل الطيب كل هذا النقد على ذلك الخطأ؟ ولكن سكت مع الساكتين.. والقصة ماتت بالتقادم ونسي الأستاذ بديوي أو تناسى جراحها.
قبل شهر تقريباً توفي ولد الأستاذ علي بديوي وكان فقداً ــ بالنسبة له ــ عظيمًا وتصبّر، وكان علينا تقديم العزاء للرجل وكانت المفاجأة! تخيلوا أين يسكن؟ هذا أول مؤشر براءة للرجل من تهمة الفساد والكل يعرف أين يسكن الفاسدون وأي أحياء المدن يسكنون ويتوارون عن أنظار من مصوا دماءهم.. «ما اغتنى غني إلا بما افتقر به فقير» ولو أجازوا لنا تعديل قول سيدنا علي لجمعنا وغيرناها إلى فقراء لتتلاءم مع الحال السوداني حيث القصور والبروش.. بالله كيف يطيب لهؤلاء العيش في هذه القصور وهم ينظرون إلى ما تقدمه الأستاذة رانية هارون في قناة الشروق من أمثلة لأسر تعيش في أكواخ تترفع عن العيش فيها أبقار بعضهم؟؟
صاحبنا الذي رُمي بتهم ـ أحسب ــ أنه بريء منها لا يسكن أحياء الخرطوم الراقية ولا غير الراقية وهو لا يسكن بحري ولا أحياءها الشمالية ولا بيت له في المهندسين ولا الملازمين. تخيلوا بيت من صورته الصحافة بتلك الصورة في أقصى الريف الجنوبي لأم درمان منطقة جنوب الصالحة وما أدراك ما الصالحة حي عادي جداً ولكن هذا بعده بعدة كيلومترات.
عند رؤيتي لحي وبيت الأستاذ علي بديوي قلت هذا من مظاليم الصحافة وللصحافة مظاليم طبعاً كمظاليم السجن «يا ما في السجن من مظاليم» عبارة مصرية مشهورة ما كان يخلو منها مسلسل أو فيلم.
إلى الذين عابوا على الأستاذ علي بدوي تغيير لون سيارة ديوان الزكاة أن يعتذروا له وليبحثوا في ملفات ديوان الزكاة في غير هذا.. فالرجل بسيط في مسكنه ومعشره وتألفه من أول يوم تقابله فيه.
أسأل الله أن يغفر ذنوبنا وذنوبه وذنب كل من شارك في تلك الحملة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق