السبت، 19 يونيو 2010

مع التلفزيون في يوبيله الذهبي - 1

أول مرة أشاهد فيها هذا الجهاز – التلفزيون – كان ذلك في ستينات القرن الماضي بنادي الجريف غرب حيث كنت برفقة والدي – رحمه الله – في زيارة لصديقه عمنا سليمان إدريس رحمه الله – وأخذني عمر سليمان مع أخوته إلى النادي حيث كان هذا الجهاز موضوعاً على منصة عالية والناس يشاهدون ويسمعون ونحن في الريف نسمع الراديو فقط ، لا اذكر ماذا رأيت ذلك اليوم،لكن صورة الجهاز والناس أمامه مازالت مطبوعة في ذهني.

علمنا – في ما بعد – أن الحكومة وزعت عدد من هذه الأجهزة للأندية والساحات العامة كنشر للثقافة أو لأن ثمنها في ذلك فوق طاقة كثير من الناس.وظل التلفزيون يبث للعاصمة فقط قرابة العشر سنوات ولم يخرج منها الا في عهد مايو وكان أول خروج له للجزيرة في رحلة شاقة عبر محطات المايكروويف ويوم بث من الجزيرة كان افتتاحه داويا وخطاب عمر الحاج موسى كان مشهورا في ذلك اليوم.

أول جهاز تلفزيون يدخل قريتنا – اللعوتة – كان في نادي القرية وبمعاونة من الخدمات الاجتماعية لمشروع الجزيرة التي دفعت نصف القيمة ودفعنا كلجنة نادٍ النصف الآخر 75 جنيه كان جهازاً خشبياً ضخماً موبيليا. واشترينا له مولد كهرباء إذ لم يكن في القرية كهرباء يومها وكان الدخول إليه بتذاكر قرش او قرشين تقريبا. ولقد غير هذا الجهاز العجيب ليل القرية ويبدو أن له آثار إيجابية تستحق الدراسة ( يلا يا شباب الجامعات واحد بحث عن أثر ذلك التلفزيون في حياة مواطن الجزيرة اللعوتة مثالاً).

مازال التلفزيون أبيض واسود. بعد دخولنا الجامعة في بداية السبعينات كان في نادي كلية التربية ( ما تقولي يا تو كلية تربية؟ ما هي واحدة في ذلك الزمن) كان هناك جهاز وحيد موضوع على منصة يقضي معظم الطلاب ليلهم أمامه ومنهم من لا يتحرك من أمام الشاشة الا بعد نهاية الارسال. حضور سهرات الاثنين لمتوكل كمال- رحمه الله - كان كبيرا جداً وصور شعبية الطيب محمد الطيب رحمه الله ايضا من الذي حفر في الذاكرة غير أن مسلسلاً أجنبياً اسمه ( بيتون بليس) كان طويلاً واستمر لسنوات وأيضا له زبائن. وكان هناك معلقين مشهورين من المشاهدين ينتظر الكثيرون قفشاتهم وتعليقاتهم. يا ربي هل كنت أنا واحداً منهم؟

غير أن سهرتان لا أنساهما سهرة بمناسبة مرور عشر سنوات على التلفزيون كان الضيف فيها اللواء محمد طلعت فريد مؤسس التلفزيون وشارك فيها أحمد المصطفى بالغناء رحمهما الله جميعاً .كان فيها طلعت فريد كالحجر لم يهتز ولم يحرك الا قلماً كان بيده. أما عساكر بجد.

السهرة الثانية كان فيها الضيف مسئولا حكوميا كبيرا وجاء مخموراً تماما وهي حية وعلى الهواء اذكر انني اتصلت بالتلفزيون من الهاتف الذي كان موجوداً وبالمجان لخدمة الطلاب وقلت لهم ما هذا السخف وخرجت زعلانا مما رأيت وابلغوني ان من جاء بعده كان طينة وكانت سهرة مسخرة بعدها خرج علينا نميري بالقيادة الرشيدة.

نواصل بإذن الله .

ليست هناك تعليقات: