بسم
الله الرحمن الرحيم
في سجن كوبر
في
مارس 1973 احتج طلاب معهد المعلمين العالي وعرضوا بعض المطالب على وزارة التعليم العالي
تلك المطالب اليوم تبدو مضحكة ولا ريد أن نذكرها حتى لا يقول لنا طلاب اليوم (
أيامكم باسطة) المهم هذه الاحتجاجات التي وصلت مرحلة الاعتصام بوزارة التعليم
العالي ومن ثم محاكمة الطلاب في محاكمات سريعة بالسجن ثلاثة أشهر. كان من نصيبنا
سجن كوبر وبعد ثلاثة ايام تم الأفراج عن جميع الطلاب.
بعد
اربعين سنة وتحديداً في الاسبوع الماضي تمت دعوتنا لمشاهدة معرض ( صنع في السجن
المركزي) في سجن كوبر وقلت للصديق عادل شريف الذي دعانا للمعرض: رجعتنا اربعين سنة.
وقلت لمدير السجن المركزي سعادة اللواء عمر عبد الماجد، بالمناسبة اللواء عمر وكل
العاملين بالسجن لا ترضيهم تسمية السجن سجن كوبر ولكنه عندهم اسمه السجن المركزي.
كثيرا
ما سمعنا عبارة ( السجن مدرسة) ولكنه اليوم والسجن العمومي ليس مدرسة فحسب بل صار
ورشة ومدرسة وجامعة ودار رياضة ومركز تحفيظ قرآن كل هذا رأيناها عيانا او شاهدنا
وثائقه في معرض مدهش أعمال يدوية وحرف قام بها النزلاء. ومن النزلاء من فاز في
جائزة تحفيظ القرآن الكريم (بالله في ربح أكثر من كده؟ هنا تفهم آية عسى أن تكرهوا
شيئاً وهو خير لكم).ومنهم من امتحن من داخل السجن وتفوق ومنهم من درس دراسات عليا.
ومنهم من تعلم الطباعة على القماش في أحدث صورها بمساعدة من أساتذة جامعة السودان
الفنون الجميلة طباعة سلك اسكرين التي يسيل لها لعاب النواعم من الحريم. ثم أعمال
صدف أيضا بمساعدة واشراف اساتذة جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا ( صراحة هذه الجامعة
تطبيقية منذ ان كانت المعهد الفني KTI أو معهد الكليات التكنولوجيا). وهناك قسم لنسيج السجاد وآخر لنسيج
الملابس القطنية الفاخرة كل هذا ووجدنا أطقماً جميلة جدا وجاهزة للاستعمال جلابية
وشال وليس كما قال الحاردلو وغنى وردي ( أبو جلابية وتوب). وهناك أعمال نجارة
دواليب عديل ( ودولب كمان) وإجلاس مدارس كل هذا رأيناه في معرض ( صنع في السجن
المركزي).
هذا
وهناك مناشط أخرى داخل السجن كرة قدم واتحاد وفرق بأسماء الفرق المعروفة وزيادة
وتنافس ودوري ( رغم إن هذا الامر لا يستهويني ولكن كل فولة ليها لاقطة). يعني
باختصار إذا ما مررت بيجن كوبر اعلم أنك تمر بمنطقة ليست كما تتصور ولكن القوم هنا
أقاموا عالمه الخاص بكل ما تحمل الكلمة ، وصار السجن قرية ( ينقصها شيء واحد سنفرد
له مساحة كاملة هنا لأهميته يوما ما).
همس
لي أحد النزلاء المشاركين في المعرض بأن هذا السجن قبل مجيء اللواء عمر كان عبارة
عن كوشة ، أدلى بها هنا شهادة من هذا النزيل ولم أعرف كيف كان سابقا ولكن حيوية
اللواء عمر عبد الماجد ونشاطه وتحريكه لهذا المجتمع ليخرج كل من فيه بحرفة من
السجن يؤكد صدق النزيل.
وخرجنا من كوبر متى تخرج كوبر منا.
الرأي العام فبراير 2014 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق