الجمعة، 16 ديسمبر 2016

الإنتاج بـ (العَصِرْ)

 27-11-2016
كثيرة هي النظريات الاقتصادية منذ آدم أسميث إلى ود محمود. غير أن أحدث نظريات الاقتصاد هي ما يقوم به طاقم الاقتصاد السوداني هذه الأيام، ممثلاً في وزارة المالية والبنك المركزي واتحادات أصحاب العمل والبنوك التجارية وربما الصرافات.
هؤلاء القوم يحسبون أنهم اكتشفوا سر الاقتصاد السوداني المتمثل في قلة الإنتاج وخلصوا إلى نتيجة أن هذا الشعب غير منتج وكسول ولا يمكن أن يلتفت إلى الإنتاج إلا إذا عُصر عصراً شديداً ليس في منعه من الرفاهيات فهذه قد جربوها ولم تحقق الهدف، وليس بالجبايات والرسوم والأتاوات فكل هذا استطاع الشعب الصبر عليها.
حتى الضرائب تحملها البعض وحتى الرسوم الجمركية التي تفوق سعر السلعة مرة ونصف في بعض الأحيان ومرات الجمارك تطلب منك ثلاثة أضعاف سعر صانعها حتى يسمح لك بالاستمتاع بالكماليات.
بهذه العقلية والتعامل مع الإنتاج خلصوا إلى أن كل هذه التدابير السابقة لم تأت بما يعين الحكومة أن تتحمل حكم مواطنيها فهي حكومة رشيقة جداً يقال إن دستورييها 1400 نائب برلماني و700 وزير كل هؤلاء وحواشيهم ينتظرون إنتاج الشعب ليتمكنوا بالكاد على أن يقدروا يحكموه.
طيب كيف نوجه هذا الشعب نحو الإنتاج لابد من مزيد من (العَصِر البجيب الزيت هذا إن كان هناك زيت من أصله).
وبما أن الطاقم المتحكم في الاقتصاد مصرفي الطابع فهو لا يعرف إلا سعر الصرف ومؤشرات الأسواق، فأقنعوا من فوقهم بتحرير سعر الصرف وأن المغتربين الوطنيين متى ما تساوى السعر الرسمي بالسعر الموازي (اسم الدلع للسوق الأسود) فإن المغتربين الوطنيين سيرفدون البنوك التجارية بالعملات الأجنبية متناسين الفرق الكبير في مرونة التعامل مع تجار العملة الذين صار لهم مندوب في كل قرية يصرف في أي وقت ليس له عطلة وليس له ساعات عمل.
أقنعوا من فوقهم بهذه الحجج غير المدروسة أو الفطيرة وصار الجنيه في خبر كان أو كاد. وفي حسابهم أن غلاء الأسعار ليس مهماً ولكن المهم الوفرة وعندما يرى الشعب الأسعار تتصاعد سيتجه للإنتاج ليلحق بالأسعار.
أيها الطاقم الاقتصادي المصرفي، الذي يريد الإنتاج وزيادة الإنتاجية عليه أن يعطيها حقها. مثلاً في الزراعة توفير التقاوي والشتول مجاناً وتوزيع الأسمدة المستوردة مدعومة أو بلا جمارك ورسوم، الآلات الزراعية بتكلفتها وينشر التقانات بكل وسائل الإعلام وسيارات الحكومة حتى يتعلم كل الشعب الزراعة المثالية.
وفي مجال الصناعة عليه توفير الخام وتوفير الطاقة بسعر مدعوم وتطوير الصناعة إلى أرقى ما وصل إليه العالم من وسائل إنتاج وتغليف مناسب.
بعد أن يقدم كل معينات الإنتاج وسنين عددا ويصبح الإنتاج متوفر وكل من يريد أن ينتج لا تقابله الدولة بإيصالاتها وأتاواتها، عندها يمكن أن تطلق للأسعار العنان. لتركض العملة المحلية خلف الدولار عسى أن تلحق به وتحنكله من رجله.
أما والحال هذه والخزينة تريد من كل متحرك أن يصب فيها عرقه وعرق أولاده ليصرف على السياسيين فهذا هو العيب نفسه.
وأخيراً على المرضى أن ينتجوا ليستطيعوا شراء أدويتهم.

ليست هناك تعليقات: