الأحد، 20 سبتمبر 2015

كله صحيح وكله خطأ

 09-09-2015
ما عاد هناك مجال لحكي نكتة في أي مكان لا فِرق كوميديا ولا أشخاص كل النكات الآن على الواتساب. ومهما قدم لها بـ(جديدة لنج) أو (كرت كرتونة) تكون قد قرأتها لاحظ قرأتها ولا أقول سمعتها.
الإعلام أمره عجيب أشاهد الآن قناة النيل الأزرق وهي تعرض صور الخرطوم الجميلة، النيل، الأشجار، السماء، الشوارع الجميلة وكله صحيح ولكن الخرطوم ليست هكذا كلها. الصرف الصحي في جنوبها يزكم الأنوف وعلى مقربة من كارثة ود دفيعة. الخرطوم فيها الأطراف مايو، زقلونا، طردونا وشوارعها الوسخة أكثر من شوارعها النظيفة. ماذا لو قامت قناة أخرى وصورت الوجه الآخر للخرطوم؟
كل هذا ليييه.
تناقلت الوسائط الاجتماعية على الانترنت صورتين لفصلين دراسيين كُتب على الأول 1965 م وبه بنات يلبسن لبساً جميلاً والفصل مرتب ومنمق (ومموسق على طريقة الكابلي أمد الله في أيامنا وأيامه في طاعة الله) وفي الباب ملكة بريطانيا وخلفها الحكومة في زيارة للفصل.
الصورة الثانية كُتب عليها 2015 لفصل يبدو أنه بدون سقف والتلميذات يجلسن على الأرض والجدار طوب مكشر بدون بياض وبدون ألوان وربما البنات بلا كتب.
كشاهد عصر على فصل 1965 وقتها كنت تلميذًا في مدرسة كاب الجداد المتوسطة وكنا نجلس في فصل مثل الذي ظهر على الواتساب (بس ما زارته ملكة بريطانيا) نفس الأدراج وكانت كلها تصنع في مصلحة المخازن والمهمات وتوزع على (جميع) مدارس السودان ومدهون وبه كهرباء وفيه رأينا الكهرباء لأول مرة والوجبات تحوي الكريز والأناناس. (لاحظوا القوسين على جميع) عفوا أخي فتح الرحمن النحاس لقد فقناك في الأقواس.
كاب الجداد المتوسطة يتقدم إليها أكثر من 450 تلميذاً تختار منهم فقط 40 تلميذاً وتطرح الباقين للشارع العريض كفاقد تربوي. بالمناسبة كل شمال الجزيرة وغربها فيه مدرسة متوسطة واحدة في الستينات. الآن فيه مئات المدارس أساس وثانوي. ليست كلها بجودة تلك المدارس ولكن إذا ما كان الخيار أن يدرس في عشة أو لا يدرس بديهي العشة أحسن من الشارع. أنا هنا لا أجد عذراً لحكومة أياً كانت لا تولى التعليم حقه من الاهتمام والميزانية المطلوبة التعليم هو بناء وأساس المجتمع ومهما وضعت من الأولويات قبل التعليم فهي تحرث في البحر. الأمن في المجتمع المتعلم بدهي الإنتاج في المجتمع المتعلم بدهي الصحة في المجتمع المتعلم طبيعية.
مهما وضعت من مشروعات لا سند لها إلا الإنسان المتعلم. ولذلك أي اهتمام بالتعليم عائده مضمون ولكنه بعيد الأثر. والسياسيون مستعجلون ويريدون النتائج العاجلة.
كلا الفصلين حقيقة ولكن ليس كل مدارس الستينات بروعة ذلك الفصل ولا كل مدارس 2015 بقباحة ذلك الفصل. مش عايز اضرب أمثلة تبقى دعاية تجارية.
اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى.

ليست هناك تعليقات: