السبت، 5 سبتمبر 2015

بت حمدوك تبكي ود الصُره

05-09-2015
أنعم الله عليها بعديد الأبناء والبنات فأغدقت عليهم حباً عميقاً بلا من ولا أذى فكان أحبهم إليها الصغير حتى يكبر والمريض حتى يشفى والغائب حتى يعود وبادلوها حباً بحب إلا أن ابنها أحمد بابكر فضل المولى أحبها حتى (إن قصت كبدته) أخلص في حبها يافعاً يدفن التيراب وزراعياً في شمبات والإسكندرية ينهل العلم ليداوي جراحها ومفتشاً بالغيط من النالة الى الحالة فكانت مغادرته من مكتبه (مكتب النعمة) إلى مقبرته فكان كما قال صلاح أحمد إبراهيم (كفن من طرف السوق وشبر في المقابر)، لم يترك كثير مال بيد أنه ترك سيرة عطرة تحدث عنها جمهور المعزين الذين كان على رأسهم مدير عام مشروع الجزيرة (بت حمدوك) المهندس عثمان سمساعة ونوابه ومديرو الإدارات والأقسام والمهندسون والباش مفتشون والمفتشون والمحاسبون والإداريون والغفرة والعمال وهم يعزون أنفسهم. أدهشني حقاً الرباط الاجتماعي القوي السائد بين أولاد بت حمدوك وفلذة كبدها من المدير وحتى الغفير فجزمت أن تدهور المشروع ليس من هذه الجهة لأن علماء الإدارة يقولون إن من أنجح الإدارات هي تلك التي تُبنى على الرباط الاجتماعي وسألت بت حمدوك من أي الجهات أوتيتِ؟ فقالت: (الفلس) وسألتها ما العلاج؟ فقالت: (أنا عافية من المتعافي).
الرحمة والمغفرة للمرحوم أحمد بابكر فضل المولى والشكر موصول لجمهور المعزين ونسأل الله ألا يريهم مكروهاً في عزيز لديهم.
وفتكم بعافية
محمد علي محمد خير السيد
ورحل العبيد:
في بداية أربعينات القرن الماضي وضعته أمه وفارقت الحياة. أرضعته جدته لأمه عاش بين أخواله وخالاته بين الشفقة والدلال لا يرد له طلب بوصية من أمهم.
كبر العبيد قليلاً وبدأ يعمل في لوري أخيه من الرضاعة أو خاله وعندما بلغ العشرين فقد رجله اليمنى في حادث سبقته رجله للدار الآخرة قبل خمس وخمسين سنة تقريباً. لم تقعده ولم يمد يده. فتح دكاناً كان من أجمل دكاكين القرية في ذلك الزمان وتتقدمه ليلاً قدرة فول شهيرة يتجمع حولها شباب القرية. أول راديو ترانسيستور رأيته كان في ذلك الدكان.
تزوج وكأن الله يريد أن يبتليه مرة أخرى (على قدر الإيمان يكون البلاء) ورزق بست بنات. جاهد في تربيتهن كثيراً. انتهى ذلك الدكان بمغامرة زراعية في سنة من السنوات ارتفع سعر الفول السوداني ارتفاعاً شديداً وحصد زارعوه ذهباً . أجر العبيد موسى عدداً من الحواشات وزرعها فولاً وكسد الفول تلك السنة.
لم يجد رأسمالاً يعيده للتجارة وعمل عاملاً في وزارة الري بمشروع الجزيرة. وهكذا سارت حياته بين العمل وتربية البنات برجله الواحدة وأختها الصناعية.
عاش راضياً بقضاء الله وقدره قليلاً ما يشكو.
يفرح بزواج بنت من بناته فرحاً شديداً وكأنه ينتظر أحفاداً ذكوراً. لم يخيب الله ظنه فقد جاء من الجيل الثاني عدد من الأولاد بروه براً شديداً وخصوصا أيام مرضه الأخير.
في الفاتح من سبتمبر ودع ابن خالتي العبيد موسى محمد الحياة ليلحق برجله التي سبقته قبل خمس وخمسين سنة قضاها برجل واحدة.
اللهم ارحم عبدك العبيد رحمة واسعة وادخله فسيح جناتك بغير حساب.

ليست هناك تعليقات: