11-09-2015
|
" حسبي الله ونعم الوكيل " من أعظم الأدعية الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة. وردت مشروعيته في القرآن الكريم في حكاية الله عز وجل عن الصحابة الكرام في أعقاب معركة أُحُد ، في " حمراء الأسد "، وذلك حين خوَّفهم بعضُ المنافقين بأن أهل مكة جمعوا لهم الجموع التي لا تهزم، وأخذوا يثبِّطون عزائمهم ، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانا بوعد الله ، وتمسكاً بالحق الذي هم عليه، فقالوا في جواب جميع هذه المعركة النفسية العظيمة : حسبنا الله ونعم الوكيل .
يقول عز وجل : (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ . الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ). بل ورد في صحيح البخاري رحمه الله أن تلك الكلمة كانت على لسان أولي العزم من الرسل، قالها إبراهيم عليه السلام في أعظم محنة ابتلي بها حين ألقي في النار، وقالها سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم في مواجهة المشركين في " حمراء الأسد ". إن معنى : حسبنا الله : أي الله كافينا، فالحسب هو الكافي أو الكفاية، والمسلم يؤمن بأن الله عز وجل بقدرته وعظمته وجلاله يكفي العبد من كل ما أهمه وأصابه، ويرد عنه بعظيم حوله كل خطر يخافه، وكل عدو يسعى في النيل منه . وأما معنى: (نعم الوكيل)، أي : أمدح من هو قيِّم على أمورنا ، وقائم على مصالحنا، وكفيل بنا، وهو الله عز وجل. هو من أعظم الأدعية فضلاً؛ وأعلاها مرتبة ، وأصدقها لهجة؛ لأنه يتضمن حقيقة التوكل على الله عز وجل، ومَن صَدَق في لجوئه إلى ربه سبحانه حقق له الكفاية المطلقة، الكفاية من شر الأعداء، والكفاية من هموم الدنيا ونكدها، والكفاية في كل موقف يقول العبد فيه هذه الكلمة يكتب الله عز وجل له بسببها ما يريده، ويكتب له الكفاية من الحاجة إلى الناس، فهي اعتراف بالفقر إلى الله، وإعلان الاستغناء عما في أيدي الناس . يناسب هذا الدعاء كل موقف يصيب المسلم فيه هم أو فزع أو خوف، وكذلك كل ظرف شدة أو كرب أو مصيبة، فيكون لسان حاله ومقاله الالتجاء إلى الله، والاكتفاء بحمايته وجنابه العظيم عن الخلق أجمعين . ونلاحظ أن هذا الدعاء يمكن أن يقال في مواجهة المسلم الظالم، وليس فقط الكافر، كما يمكن أن يلجأ إليه المهموم أو المكروب أو الخائف بسبب تعدي أحد المسلمين . وأما الظالم الذي قيل في حقه هذا الدعاء فليس له إلا التوبة الصادقة، وطلب العفو ممن ظلمهم وانتهك حقوقهم، ورد المظالم إلى أهلها؛ وإلا فإن الله عز وجل سيكون خصمه يوم القيامة، وغالباً ما يعجل له العقوبة في الدنيا، فإن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب . منقول بتصرف |
الأحد، 20 سبتمبر 2015
حسبنا الله ونعم الوكيل
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق