الخميس، 18 يونيو 2015

أربندي) في الخندق

 
25-05-2015
واحد من القراء الأعزاء كتب إلينا من ليبيا (فرج الله محنتها) موضوعاً مهماً في التعامل مع اللغة أو اللهجات العامية. وما يجده بعض من المتحدثين بغيرها في أطراف السودان من تطفيف تعامل. والكاتب من أقصى الشمال يورد حادثةً كمثال ويدلف إلى مقارنة تستحق البحث والوقوف عندها ونهديها للباحثين في أمر اللغات من طلبة التعليم العالي والدراسات العليا.
إلى موضوع عبد المجيد نور الدين.
مقولة لها قصة :
امرأة من قرية من قرى ريفي القولد، خرجت لخلاء القرية تقصد الاحتطاب من يابس الشجيرات بالخلاء بأعالي القرية ..
بعد أن لملمت وقودها وربطتها بإحكام وحملتها على رأسها متجهة صوب منزلها .. لاح من البعد رجل على ظهر حمار ..
امتلأت رعباً وأسرعت الخطى لتفاديه إلا أن الرجل انهال على حماره ضرباً ليلحق بها ..
بعد سباق محموم تغلب ذو الأرجل الأربعة على ذات الرجلين النحيفتين .. ولحق بها الرجل ..
ارتبكت.. فهو غريب والمنطقة نائية والليل أسدل جزءاً من ستاره ...
بادر الأعرابي بالسلام .. والسلام أمان. ولكن من يقنعها!؟ ..
لم ترد ..
وأسرعت الخطى وهي تلهث وقد أنهكتها حمولة الوقود على رأسها ..
ولكي تطمئن أكثر.. خاطبها الأعرابي: عليك أمان الله.. معليش أنا بسألك من...؟
لم تفهم حرفاً مما يقوله الأعرابي فذخيرتها من لغة الضاد لا تتعدى الكلمات (أيوه وتعال.. ولزوم صلواتها الفاتحة ومعوذة واحدة والإخلاص).. قاطعته وقد أشارت بيدها صوب قرية الخندق القريبة وقالت بصوت عالٍ مرتجف: أرابندي في الخندق ..!!.
وأرابندي (عربندي) تعني اللغة العربية أي أيها الأعرابي إن كنت تريد للسانك العربي هذا لست بمجيبة فعليك بقرية الخندق ..!.
وأهل الخندق والقولد يتحدثون النوبية والعربية معاً.. جلبوا العربية من العاصمة وقد تميزوا بذلك بحكم الهجرة وإقامة الكثيرين منهم بالعاصمة القومية وشغلهم بالتجارة فقد برعوا فيها ..
أمثال تلك المسكينة من جيل الآباء والأمهات يعانون الأمرين في التخاطب مع الناطقين بالعربية ويعانون أكثر حينما تكون معاناتهم وتعثر ألسنتهم في التحدث بالعربية مدعاة للنكتة والسخرية من بني جلدتهم الناطقين بالعربية !!.
وبالمقابل لا تجد أحدًا يصف اللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو الصينية بالرطانة، رغم أن تلك اللغات غير مفهومة لديهم ..!!.
وعندما يتعثر الانجليزي أو الفرنسي أو الصيني في حديثه بالعربية لا تجد أحداً يتهكم أو يسخر أو يتجرأ ويضحك .. بل يبدي إعجابه الشديد ويصف ذلك بالمحمدة ويعتبره اجتهادًا في طريق التعلم..!!!!.
عبد المجيد نور الدين حسين
ليبيا - بنغازي

ليست هناك تعليقات: