الخميس، 18 يونيو 2015

إعلانات الصحف والتدني


09-06-2015
إعلانات الصحف مرآة يقرأ منها واقع المجتمع الذي توزع فيه. الاقتصادي يقرأ من الاعلانات ما لا يقرأه القارئ العادي، فإذا قرأ عن سوق العقار وأسعاره وأماكنه يمكن يخرج بملاحظات، وإذا قرأ إعلاناً لدلالة سيارات يقرأه على طريقته خلافا للقارئ العادي.
ولكن هناك إعلانات يتمنى الإنسان أنه لم يقرأها ونسأل هل الصحف لا يهمها من الإعلان إلا العائد المادي؟ إذا كان الموضوع أو المقال يمر على عدة أشخاص رئيس التحرير ومدير التحرير وسكرتير التحرير فما هي مراحل الإعلان التجاري من الخزنة إلى المطبعة؟ أيعقل هذا؟
كيف ينشر إعلان لجهة ما تستنفر مريديها لاستقبال شيخ بمناسبة عودته في مطار الخرطوم معافىً بعد رحلة علاج وللعلم المستقبلين، سيأتون بأدوات الإزعاج من نوبات وطار وحديد مزعج يحدثون ربكة في المطار.
أقول ذلك من تجربة في هذا إذ كنت بالصدفة في يوم من الأيام في استقبال أحد الاصدقاء فإذا بالمطار يزدحم بمريدي شيخ قادم من العمرة وأحدثوا جلبة وفوضى وسدوا مخارج الصالة وآلاتهم تضج بالإزعاج دون مراعاة لمريض ولا كبير سن. أي دين هذا؟ الذي لا يراعي الآخرين. لو كنت مسؤولاً عن الإعلان في الصحيفة لن أنشر مثل هذا الاعلان ولو دفعوا السعر مضاعفاً.
إعلان آخر يدل على أن هذا المجتمع وصل مرحلة من الشوفونية والبوبار، كنا نقرأ من حين لآخر إعلانات شكر للمعزين الذين شاركوا بتشييع الجثمان او أبرقوا معزين ويخصون الوالي والوزير والمعتمد والقرى المجاورة دلالة على أهمية المتوفى أو أهمية أسرته. حرمة الميت تمنعنا من التعليق على مثل هذه الاعلانات. ولكن الجديد أن بعض الناس بدأ يشكر في إعلانات على الصحف من شاركوه في حفل زواج أبنائه ويدلل على أهمية والد العرسان بكثرة المشاركين من نظار القبائل والعمد. من يريد أن يخاطب مثل هذا هل يريد أن يقول لجهات بعينها أنا مهم؟ هل هو في منافسة مع آخرين؟ كم قيمة هذا الإعلان؟ صفحة كاملة ملونة هل هناك سفه أكثر من هذا؟ (السفيه في الشرع من لا يحسن التصرف في ماله).
ماذا لو انتشرت هذه العادة؟ ألا تكون مؤشراً لانحطاط مجتمعي؟
من يقول هذا إعلان يستحق النشر وهذا إعلان لا يستحق النشر؟. قطعا ليس قسم الإعلان في الصحف فهذا دوره جذب المعلنين، لكن أليس على الناشر أو رئيس التحرير قول في هذه الاعلانات المشينة؟ من المتفق عليه أن لا إعلان لحرام لن تنشر صحيفة إعلانا لخمور. وبنفس القدر يجب ألا تنشر ما ينخر في المجتمع من استقبال مريدين في المطار ولا مشاركين في عرس.
الكلمة أمانة، الصحافة لنشر الوعي وليس التخلف.

ليست هناك تعليقات: