كتبت في يوم 21 فبراير في هذه المساحة مفوضية الفساد، لماذا؟ وبدأته ب«أتمنى أن لا يكون خطر ببالك بعد قراءة العنوان أنني أريد أن أقول لا يوجد فساد يستحق مفوضية» (معقولة بس(!! وقلت لا داعي لهذه المفوضية فالأجهزة العدلية من قضاء ونيابة والمراقبية ديوان المراجع العام والمجلس الوطني كلها يمكن أن تقوم بدور محاربة الفساد مع تعاون إعلامي صادق كل ذلك إذا وجد إرادة لاجتثاث الفساد. بين هذا التاريخ ويومنا هذا كُتب كثير عن الفساد ومن الناس من قال إن مفوضية الفساد إذا قامت هي نفسها نوع من الفساد إذ ممّن ستكوَّن وما مخصصاتها؟ وما منصرفاتها؟ وما هي سلطاتها ووو... عشرات الأسئلة. بالأمس قطع المؤتمر الوطني على لسان الدكتور الزبير أحمد الحسن أن لا حاجة لمفوضية محاربة الفساد ودعا: في حديثه أمام عدد من الصحافيين أمس إلى إنشاء منظمات وطنية محايدة تتولى مراقبة الفساد وترسيخ الشفافية». أقول للشيخ الزبير أليست الصحافة خير مراقب؟ ماذا لو أخذت الحكومة ما تكتب الصحافة مأخذ الجد وتابعت كل ما يكتب في الصحف الورقية والالكترونية والمواقع على الإنترنت وحققت فيه وخرجت للناس بالنتائج بريء او مذنب. لكن يبدو ان تعاليًا أصاب كثيرًا من السياسيين واستصغروا ما يكتب إلى أن أصبح جبالاً لا تخطئها العين. والسكوت على الفساد يزيده ولا يقلصه.. وأسوأ شعار رُفع هو شعار «خلوها مستورة» إلى أن عجزت كل مصانع نسيج العالم عن ستر الفساد. غير أن الذي لم يعجبني في قول الزبير هذا القول: جزم بأن وجود الحكومة في الشركات ضروري واستشهد بشركتي «النصر» و«زادنا»، واستدرك بإمكان خصخصة الشركات ولكن تدريجياً. إ.هـ أبجديات الاقتصاد الحر تقول بعدم دخول الحكومة للسوق إلا في حالات مثل أن تبدأ نشاطاً لا يعرفه السوق فهنا يكون دورها دور القدوة أو الريادة لتضع التجربة الجديدة على أرض الواقع ثم تنسحب متى ما دخل رأس المال الوطني أو الأجنبي في المجال الجديد لكن واقع شركات الحكومة عندنا هي ما نشط قطاع إلا وهبّت الجهات الحكومية للدخول فيه منافسة بل محطمة كل عناصر المنافسة. عدة أمثلة، قطاع المطابع صار شبه محتكر للشركات الحكومية، قطاع النقل فيه الآن عشرات الشركات الحكومية، قطاع وكالات السفر فيه عشرات الوكالات الحكومية والله ما بقي لهذه الحكومة إلا أن تدخل في قطاع المطاعم هذا إن لم تكن دخلت بطريقة غير مباشرة.. يا شيخ الزبير إذا كان دخول الحكومة باندفاع لماذا يكون خروجها بالتدريج؟؟ سادتي يقول صلى الله عليه وسلم: الإثم ما حاك في الصدر وخفت أن يطلع عليه الناس. وكذا الفساد كل ما اندرج تحت «خلوها مستورة» هو فساد، الرواتب المضاعفة والبدلات المتكررة والنثريات الدولارية والإعفاءات والترضيات والمكرمات والمليارات التي تعطى بعد مغادرة الموقع كل هذا فساد وإلا فقل لي بربك كيف يعطى موظف بعد إقالته من منصبه مليارًا أو مليارين وبعد عدة شهور يعين في منصب أرفع من الأول. ألم تلد حواء السودان غير هؤلاء. خلوها مكشوفة... |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق