قبل عدة سنوات كتب الأخ اسحق أحمد فضل الله موضوعاً معناه مطار الخرطوم بلا أمن ودلل على ذلك بأنه دخل المطار بسيارة جميلة وجال فيه كما يشاء ولم يوقفه أحد وصدقت نبوة اسحق - يومها- فقد اُختطفت طائرة بعد أيام قليلة من كتابة موضوعه ذاك. يخطئ من يظن أن الفساد هو سرقة المال العام فقط.. ولكن في نفس الوقت هو أول فساد متفق عليه. غير أني أرى أن هناك فساداً كبيرًا لا يلتفت إليه الكثيرون وهو اشد فتكاً بالمجتمع من سرقة المال العام أو التصرف فيه بغير رشد. انهيار القانون أو الشعور بأن القانون ليس للجميع هذه تحز في النفس كثيراً وتفتت المجتمع و تنخر في جسمه بل في عظم الدولة نخرًا يصعب علاجه. مثلاً: بطاقتك لو سمحت؟ متى ما كان الرد :أنت ما عارف أنا مين؟ فهذا أسوأ أنواع الفساد ولو كان السائل شرطي لا يحمل على ساعده شريطاً واحداً والمسؤول برتبة مشير «بالمناسبة في رتبة اسمها عماد، بتصلنا متين وما شروطها؟» في طرقاتنا اليوم ظاهرة سيئة جداً تنم عن انهيار القانون وللأسف بأيدي من يجب عليهم حماية القانون، واكرر متى ما شعر أحدهم بأن هذا القانون لا يشمله وإنما لعامة الناس فليعلم علماً تاماً أنه يحفر قبر هذه الدولة ويجرها لقرون التخلف. ومتى ما شعر أحدهم أن هذه الرسوم ليست مفروضة عليه أو هذه الضرائب هو معفي منها بحكم منصبه وليس بنص قانوني ويجب ان يدفعها آخرون فهذا أس البلاء وانهيار الموازين. مثالي على هذا الفساد المستشري وللأسف هو في ازدياد في زمن صارت بطاقة المؤتمر الوطني يظن حاملها أنها تعفيه من كثير من الواجبات وتميزه على غيره فأي فساد تنتظرون بعد هذا؟ مثلاً: كم من السيارات تجوب العاصمة والطرق القومية وهي غير مرخصة ولا يسألها أحد؟ والسبب الذي جعل هذه الظاهرة واضحة للجميع تغيير اللوحات الأخير فأي سيارة خاصة تحمل لوحة قديمة غير التي عليها كلمة «السودان» فهي غير مرخصة وهي في الغالب لضابط جيش أو أمن أو شرطة.. وهي بالآلاف. كيف يكون شعور مواطن يوقف كل 25 كيلومترًا ليثبت أنه مكتمل الشروط ليسير على الطريق وإلا دفع الغرامات في حين الآخرون مخالفون صراحة وليس سرًا ولا يوقفهم أحد. وقد اذهب أكثر وأقول إن غرامة هذا تذهب لجيب المخالف الأكبر بطريقة أو أخرى.. أي يغبن يولد مثل هذا التصرف؟ الدول التي لا تدعي دينا بل يحكمها تحضر شعبها لا تفعل هذا، والقانون على الجميع، توني بلير دفع مخالفة مرورية لأنه تجاوز السرعة المحددة؟ ووكيل العريف يخرج بطاقته بسبب وبلا سبب. بأي دين يحكمنا هؤلاء؟ ما بقي لبعضهم إلا أن يقول الصف الأول في الصلاة لنا ولو لم نحضرها. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق