رفعت الحكومة يدها من التمويل الزراعي ولأسباب منها أن التمويل الذي تدفعه لا يذهب للزراعة وإنما يذهب معظمه إلى الإداريين ، مما حدا بالسيد رئيس الجمهورية أن يقول يوماً : ليتنا بدل الذي صرفناه على تمويل مشروع الجزيرة لو أعطينا كل مزارع مليوناً في يده. بمعنى أن ما صرفوه على تمويل الزراعة لم تنل الزراعة ولا المزارع منه نصيب.
هذا واحد من الأسباب و من الأسباب الأخرى أن الإنفاق على الحرب وخزينة الدولة المنهكة – في ذلك الزمان – وسبب آخر أن الزراعة لم تكن من أولويات الحكومة وزادت هذه القناعة - عند بعضهم - يوم وصل سعر البرميل 140 دولار هناك سكر القوم طرباً وركلوا الزراعة بكعوبهم.
بما أن دوام الحال من المحال تذبذب سعر النفض وزاد الإنفاق الحكومي ( مش عايزة أي شطارة حكاية زيادة الإنفاق الحكومي ودونكم الحكومة الجديدة ذات 77 وزير) واحتاجت الحكومة للزراعة بعد أن استوردنا حتى الثوم من الصين والطماطم من الأردن أما في مجال الألبان فحدث ولا حرج وصلت فاتورة منتجات الألبان سنة 2008 م 212 مليون دولار تخيل بلد الثروة الحيوانية والنيل والأرض والماء تستورد لبنا من دول صغيرة بمبلغ 212 مليون دولار.
بحثت الدولة عن من يأخذ عنها عبء الزراعة وكان السيد البنك الزراعي هو بديل التمويل الحكومي ورغم رهبة البنوك ومآلاتها التي دائماً ما توصل المُموَل إلى السجن في حالة الإخفاق لأي سبب، رغم ذلك رضي المزارعون لقلة الخيارات أمامهم وظل البنك يمول وكل سنة يخرج بشروط تمويل جديدة من حزم تقنية وتامين زراعي من شيكان طبعاً ، والنهضة وشركة الأقطان يمنيان المزارعين الأماني في بداية المواسم ويوليان الدبر عند الحصاد تاركتان للمزارعين مواسير القمح والقطن والبنك الزراعي ومنلوج الديون.
في آخر شروط سياسته التمويلية خرج البنك بهذه الشروط :الإلتزام باستخدام التقنية لكل محصول وتنفيذ العمليات الفلاحية في أوقاتها وربط التمويل بالتأمين الزراعي وإعطاء أسبقية فى التمويل للمشروعات التى تدعم تحقيق الأمن الغذائي وسياسات الإنتاج من أجل الصادر بالإضافة إلى الالتزام التام بشروط وضوابط منح التمويل المصرفي الصادرة من البنك المركزي وعدم منح تمويل لأي مزارع عليه مديونية مستحقة للبنك الزراعي أو البنوك الأخرى كما أقرت السياسات تشجيع تنويع التركيبة المحصولية كزهرة الشمس والسمسم والذرة الشامية.
يهمنا هنا هذا الشرط (وعدم منح تمويل لأي مزارع عليه مديونية مستحقة للبنك الزراعي أو البنوك الأخرى).
هذا الشرط يعني خروج كل الذين زرعوا قمح النهضة الزراعية التي منتهم بإنتاج 20 جوال للفدان إن استخدموا حزمها التي رفعت التكلفة المعتادة ولم تحقق الا 5 جوالات للفدان كمتوسط وكذلك شركة الأقطان التي منت المزارعين بثمانية قناطير للفدان وكانت النتيجة 3 قناطير. هؤلاء عوقبوا مرتين فمن لهم؟
بهذه الطريق كل سنة البنك الزراعي سيخرج مزارعين من قائمة تمويله إلى أن يؤول عدد المُموَلين للصفر.ويومها لن نرى شعار التلفزيون ( الزراعة بترول السودان الحقيقي).
يونيو 2010 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق