الجمعة، 9 أبريل 2010

الطريق الذي أصبح مادة سياسية

قرية في شمال الجزيرة تبعد عن طريق الخرطوم مدني (7) كليومترات، هذه القرية غنية بالثروات البشرية والمادية؛ يمكنك أن تصفها بالقرية الحيّة، مرتبطة بالخرطوم اقتصادياً وتعليمياً وصحياً كبقية قرى شمال الجزيرة. غير أنّ الاختلاف في بُعد هذه القرية عن الطريق المسفلت؛ وتعاني الانقطاع التام وشبه التام في فصل الخريف؛ نسبة لأنّ أرض الجزيرة طينية لزجة تعوق الحركة. قام نفر طيِّب من أهل القرية في سنة 1992م بالبداية في فتح مسار يربطها بطريق الخرطوم مدني، واستنفروا مواطني القرية وقاموا بالواجب وزيادة، وفعلوا كلّ ما يمكن فعله من جمع للأموال وطاقات الشباب اليدوية ومساعدات الخيِّرين والمؤسسات الحكومية القريبة، وعملوا ردمية تفي ببعض الغرض، وصعُبت عليهم الطبقة الأسفلتية والتي تحتاج لتدخل الدولة. في أكتوبر سنة 1994 زارهم الشهيد المشير الزبير محمد صالح والمرحوم إبراهيم عبيد الله، ولم يكن لأهل القرية مطلب غير هذا الطريق، ووعدهم النائب الأول لرئيس الجمهورية بإتمامه. وظلوا بعدها يعملون مع كلِّ الولاة والمحافظين الذين تعاقبوا على ولاية الجزيرة، للإيفاء بوعد المشير الزبير. ووصل الأمر إلى رئيس الجمهورية، وفي زيارته لافتتاح كهرباء كاب الجداد وما حولها، دعا الوالي - وقتها – الشريف أحمد عمر بدر، كاتب هذه السطور ليسمع من الرئيس مباشرةً توجيهه بإكمال طريق اللعوتة. وقال لي الرئيس يومها: أبلغ عني ناس اللعوتة بأنّ طريقهم قد تمّ. ولك أن تتصور فرح قرية مقطوعة عن الطريق العام ببشارة الرئيس بتعبيد الطريق الذي يربطها بالطريق العام. بعد ذلك كُثّفت الجهود لتنفيذ الأمر الرئاسي، وشاركت عدة جهات؛ لها من مواطني هذه القرية ألف شكر وآلاف الدعوات؛ منهم الشريف بدر والي ولاية الجزيرة السابق والمهندس عبد الوهاب محمد عثمان والأستاذ محمد طاهر إيلا وزير الطرق السابق، والأخ عبد الرحمن سر الختم والي الجزيرة السابق والأخ عباس الطيب وزير التخطيط بولاية الجزيرة السابق، والأخ الوسيلة منوفلي معتمد الكاملين السابق.(كلّ هؤلاء الرجال لسبعة كيلومترات أسفلت). تم بحمد الله سنة 2004م. ما الذي جدّ لتذكر كلّ هذا يا هذا؟ شيخ السياسة والسياسيين بل مدمنها حسن الترابي، وفي هذا الجو العكر اتخذ من الطريق مادةً سياسية. وفي ليلة سياسية بالمعيلق التي وصلها بجزء من هذا الطريق ورأى بأم عينه أن الطريق منتهاه قرية اللعوتة. وصفه بأنه فساد سياسي، وأن والٍ سابق أوصل الطريق الى قرية زوجته، ولعلم القارئ ليس في قرية اللعوتة والياً ولا زوجة والٍ ولا أي دستوري ولا زوجة دستوري، وليس فيها من يتمنّى أن يصبح دستورياً. بالله أي انحطاط سياسي هذا الذي وقع فيه الترابي مثله مثل أي عامي. الفجور في الخصومة يهون إذا ما قارناه بفجور آخر هو للفتنة أقرب!! وكثير منكم يعرف ما أقصد. بالله هل من دعاءٍ في مثل هذه الحالة غير اللهم نسألك حسن الخاتمة؟!.



صحيفة التيار ابريل 2010 م

ليست هناك تعليقات: