عنوان قد يختلف الناس في جاذبيته. عندما كنا شباباً قيل لنا إن مقياس تحضر الأمم يقاس بمقدار استخدامها للكهرباء ووقتها كانت الكهرباء في بيوتنا صفرًا، لا يوجد عداد حتى يقرأ الصفر.. قال يومها أحد الأصدقاء: يعني نحنا بره اللعبة خالص.. تُرى كم هم الذين بره اللعبة إلى يومنا هذا؟ تطورت الحياة وواكب السودان تطورها بفضل من الله ثم بفضل رجال عملوا لرفعته.. بالأمس الخميس 8 /4/2010 م تم دخول كل وحدات سد مروي وعددها عشر وحدات وكانت هذه زيارتي الثالثة للسد، الأولى في بداياته والثانية بمناسبة دخول الوحدتين الخامسة والسادسة، وهذه الزيارة الأخيرة طبعاً والى اللقاء في انجازات أخرى من انجازات وحدة السدود. غسل أسامة يديه من سد مروي وشكره الرئيس على الملأ ويستحق أكثر هو وفرق الشباب السوداني التي شاركت في قيام هذا السد الذي من أولى أولوياته الكهرباء هذه الطاقة التي تتقاتل على كيفية توليدها الدول لو كانت حرارية فالوقود مشكلتها أما إن كانت نووية فالويل لمن يفكر في مفاعلاتها غير الكبار.. وبفضل الله هذه هي كهرباؤنا مائية كأرخص وأنظف أنواع التوليد الكهربائي. الحكومة بين خيارين: أن يظل سعر الكيلو وات بهذه الفداحة وتملأ الدولة خزانتها وتصرفها على جيوش السياسيين والموظفين وتبقى الوظيفة الحكومية والسياسية همّ المواطنين وعندها تكون الحكومة قد كرّست لعدم الإنتاج وسيزداد الفقر ويظل الهرم مقلوباً .. الخيار الثاني أن تطلق الدولة العنان للإنتاج وذلك بأن تزهد في عائد الكهرباء وتبيعها – لو استطاعت – بسعر التكلفة أو بمعدل السعر العالمي، وعندها ستنطلق الزراعة والصناعات الصغيرة والورش الصغيرة وحتى الباحثين عن الهواء البارد في مكاتب الدولة سيذهبون الى بيوتهم باكرًا ويوفرون على الدولة فواتير الكهرباء.. عندما تكون الكهرباء رخيصة حتى في القطاع السكني الذي لم يتطرق له الرئيس سيكون له عائد اجتماعي وسينعكس خيرًا في التحصيل الدراسي وفي تضييق المساحات السكنية وسيوفر على الأسر بعضًا من دخل.. قائمة تخفيض سعر الكهرباء طويلة جداً فقط نريد حكومة لا تستعجل النتائج. مما ليس فيه شك أن وحدة السدود هي تحايل أرادت الحكومة أن تخرج بها عن البيروقراطية العقيمة ووفرت لها الميزانية المنفصلة سريعة الصرف وهذا ما لم يتوفر للنهضة الزراعية – على الأقل حتى الآن – والتي هي المكمل للتنمية إن لم نقل هي التنمية ذاتها ( تصور النهضة الزراعية لا تسطيع أن تصرف 150 ألف جنيه إلا عبر وزارة المالية وتمضي الشهور في انتظار المبلغ ولا يُصرف ولا يقوم المشروع الزراعي تصور )! وحدة السدود تسيّر عشرات الطائرات من الخرطوم لنقل المحتفلين في غمضة عين وكأنها تملك هدهد سليمان.. الحدث كبير بلا شك وفي انتظار حدث تعلية خزان الروصيرص الذي بشرنا الوزير أسامة عبد الله أن 10 % منه قد اكتملت، ويومها سيكون الفرح كبيراً والعائد سريعاً. ولكن! أليس في القوم رجل رشيد يقول إن بند الاحتفالات بهذه الصورة مكلف جداً وهناك عشرات الجهات أولى بهذا الصرف؟
صحيفة التيار السبت 10/4/2010 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق